إذا تحاكم إلى المخلوقين فاعلموا أن الله مطلع عليكم ، وعلمه محيط بكم ، فراقبوا موضع الاستحياء من الحق سبحانه ، ولئن كان المخلوقون (١) عالمين بالظواهر فالحق ـ سبحانه وتعالى ـ متولى السرائر.
قوله جل ذكره : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ)
الأهلة ـ جمع هلال ـ مواقيت للناس ؛ لأشغالهم ومحاسباتهم.
وهى مواقيت لأهل القصة فى تفاوت أحوالهم ؛ فللزاهدين مواقيت أورادهم ، وأما أقوام مخصوصون فهى لهم مواقيت لحالاتهم ، قال قائلهم.
أعد الليالى ليلة بعد ليلة |
|
وقد كنت قدما لا أعد اللبالبا |
وقال آخر :
ثمان قد مضين بلا تلاق |
|
وما فى الصبر فضل عن ثمان |
وقال آخر :
شهور ينقضين وما شعرنا |
|
بأنصاف لهن ولا سرار (٢) |
قوله جل ذكره : (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
يعنى ليس البر مراعاة الأمور الظاهرة ، بل البر تصفية السرائر وتنقية الضمائر.
قوله جل ذكره : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠))
لتكن نفوسكم عندكم ودائع الحق ؛ إن أمر بإمساكها أمسكوها وصونوها ، وإن أمر
__________________
(١) وردت (المخلوقين) وهى خطأ من الناسخ لأن اسم كان مرفوع بالواو.
(٢) سرار النهر وسراره (بالكسر والفتح) آخر ليلة فيه (الوسيط ص ٤٢٨).