أو أظهروا الإيمان بها في عصر متأخّر عن وفاة المسيح ورفعه.
والقرآن الكريم وإن كان لا يحدّثنا عن زمان وظروف تحريف الإنجيل ، ولكنّه يحدّثنا عن هذا التحريف في عدّة مواضع :
منها : ما يذكره من معلومات دقيقة يختلف فيها عن الإنجيل مثل : ولادة عيسى عليهالسلام وبشريّته ، وقضية وفاته ورفعه ، إلى غير ذلك من النقاط التي أشرنا إلى بعضها في سرد القصّة.
ومنها : ما أشار إليه القرآن الكريم : من عدم التزامهم بتطبيق التوراة والإنجيل في مقام العمل ، وتحريفه في الالتزام والسلوك :
(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ)(١).
ومنها : ما أشار إليه القرآن الكريم في سياق الحديث عن اليهود والنصارى : من تحريفهم للكتاب بتفسيره وتأويله بالرأي والهوى ، والأغراض الخاصة ، أو نسبته إلى الله كذبا وزورا.
(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(٢).
مضافا إلى ذلك كلّه أنّ واقع الأناجيل الفعلية هو أفضل شاهد على هذا
__________________
(١) المائدة : ٦٨.
(٢) آل عمران : ٧٨.