الثاني : في اتخاذهم الرهبان أربابا من دون الله ، يقدسونهم ، ويبذلون لهم الأموال ، ويعتقدون فيهم أنّهم يعاقبون ويثيبون ، وأنّه لا يغفر لهم إلّا بواسطتهم ، وبذلك تأثروا بسلوك الأحبار المنحرفين من اليهود ، والقياصرة من ملوك الرومان.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ ...)(١).
وفي بيان قصّة عيسى عليهالسلام من آل عمران :
(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)(٢).
__________________
(١) التوبة : ٣٤.
(٢) آل عمران : ٦٤. جاءت هذه الآية في سياق آية المباهلة ، وهي قوله تعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) ، وقد ورد في تفسير هذه الآية : أنّها (قيل نزلت الآيات في وفد نجران : العاقب ، والسيد ، ومن معهما ، قالوا لرسول الله : هل رأيت ولدا من غير ذكر؟ فنزل إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ ... الآيات ، فقرأها عليهم. عن ابن عباس وقتادة والحسن ، فلمّا دعاهم رسول الله إلى المباهلة استنظروه إلى صبيحة غد من يومهم ذلك ، فلمّا رجعوا إلى رحالهم قال لهم الأسقف : انظروا محمّدا في غد ، فإن غدا بولده وأهله فاحذروا مباهلته ، وإن غدا بأصحابه فباهلوه ، فإنّه على غير شيء ، فلمّا كان الغد جاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم آخذا بيد علي بن أبي طالب عليهالسلام ، والحسن عليهالسلام والحسين عليهالسلام بين يديه يمشيان ، وفاطمة عليهاالسلام تمشي خلفه ، وخرج النصارى يقدمهم أسقفهم ، فلمّا رأى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أقبل بمن معه سأل عنهم ، فقيل له : هذا ابن عمه ، وزوج ابنته ، وأحب الخلق إليه ، وهذان ابنا بنته من