المرحلة الثالثة ـ التنظيم والانتشار :
١ ـ في المرحلة السابقة عرفنا بأنّ الإسرائيليّين (بصورة عامة) لم يؤمنوا بعيسى عليهالسلام ، بل كذّبوه وكفروا به واتهموه بالسحر.
وبذلك عرف عيسى منهم الكفر بصورة واضحة محسوسة لا شكّ فيها ولا ريب.
فأراد عيسى عليهالسلام أن يعرف من بين هؤلاء الناس من آمن به منهم على قلتهم ، ويختارهم ؛ لمواصلة رسالته ودعوته بطريقة اخرى ، هي : تربية هذه النخبة وإعدادهم ؛ ليتمّ التركيز في العمل عليهم ، وليتحملوا هذه المسئولية معه ، ويقوموا مقامه إذا ألّمت به النوائب ، وتعرض إلى القتل أو الوفاة ، فأطلق نداءه بين الإسرائيليّين (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) أي : من أنصاري في طريقي إلى الله تعالى.
٢ ـ وهنا كانت استجابة الحواريين (١) وإيمانهم المطلق بعيسى بعد الله
__________________
(١) والحواريون : هم خاصة الإنسان وخالصته ، وأصل الكلمة : من (الحور) ، وهو البياض الناصع ، ويطلق (الحواريون) في اللغة على (قصارى الثياب) ؛ لأنّهم يبيضونها وينظفونها من الأوساخ. واطلق على الخاصة من الاصحاب ؛ لمكان الطهارة والصفاء والبياض في علاقتهم وإخلاصهم.
وقد ورد ذكرهم في القرآن الكريم خمس مرات ، وفي ثلاث مواضع منه ، هي : في سورة آل عمران ، والمائدة ، والصف. كما أنّ القرآن الكريم لم يذكر هذا الوصف في خاصة أحد من الأنبياء أو غيرهم باستثناء عيسى عليهالسلام ، فكان من الأوصاف الخاصة بخالصته.
وقد روى الصدوق في علل الشرائع وعيون أخبار الرضا عن علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه قال : قلت للرضا عليهالسلام : لم سمّى الحواريون الحواريين؟ قال : «أمّا عند الناس فإنّهم