بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ* قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ* قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ)(١).
وكانت الخطوة الخامسة في هذا الإعداد : أن آتى الله ـ سبحانه وتعالى ـ يحيى الحكم وهو النبوّة ـ على رأي بعض المفسرين ، أو الحكمة وفصل النزاعات على رأي آخر ـ في صباه ، وكان مثالا وقدوة للصفات التي أراد الله ـ تعالى ـ أن يتصف بها عيسى عليهالسلام ؛ ليكون بوجوده الشريف حجّة ودليلا على هذا النبي الجديد المصطفى (٢).
(يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا* وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا* وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا* وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا)(٣).
وكانت الخطوة السادسة في هذا الإعداد هو : الاصطفاء والاجتباء لمريم لهذه المهمّة الصعبة ، وهي : حمل وولادة عيسى عليهالسلام من غير أب ؛ لأنّها تحتاج إلى طهارة
__________________
(١) آل عمران : ٣٩ ـ ٤١.
(٢) بهذا يمكن تفسير هذا الاقتران ـ في سورة مريم ـ في عرض شخصية يحيى وعيسى عليهماالسلام في سورة مريم ، ثمّ التشابه في الصفات بينهما في هذا العرض وذكر قصّة ولادته وصفاته قبل ذكر قصّة عيسى عليهالسلام خصوصا أنّ القرآن الكريم هنا يقرن بين الولادتين دون تمهيد ودون ربط بينهما في الحديث غير السياق ، ويختم كلا من القصتين بالسلام عليهما.
(٣) مريم : ١٢ ـ ١٥.