المقامات من مواقع للهداية والاصلاح إلى مناصب لأكل أموال الناس بالباطل يجمعونها ويكنزونها ، ولا ينفقونها في سبيل الله.
بل أخذوا من خلال هذه المواقع يصدون عن سبيل الله ، ويمنعون الناس من سماع كلمة الحق والهدى أو اتباعه خوفا منهم على مواقعهم وسلطانهم (١).
(اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)(٢).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ* يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)(٣).
كلّ ذلك وهم يعيشون تحت سلطة الرومان ، وقد ضربت عليهم الذلة والمسكنة بذلك ، كما ذكرنا.
وقد سرت هذه الحالة بعد ذلك في النصارى من اتباع عيسى عليهالسلام بعده ، كما يشير القرآن الكريم إلى ذلك.
__________________
(١) تشبه هذه الحالة التي يصفها القرآن ما وصلت إليه حالة الكنيسة الكاثوليكية والارثوذكسية في بلاد اروبا في القرون الوسطى ؛ إذ كانت تقوم الكنيسة بهذا الدور حتى وقعت الثورة في بريطانيا وفرنسا بعد ذلك ، وسقطت سلطة الكنيسة كليا أو جزئيا ، ثم تحولت إلى جهاز تابع للسلطة الاستعمارية.
(٢) التوبة : ٣١.
(٣) التوبة : ٣٤ ـ ٣٥.