المعجزة ، وإنّما يحاول أن يصل إليهم ويتوسل إلى إيمانهم عن طريق الدليل والبرهان العقلي والمخاطبة الوجدانية ؛ لتحقّق القناعة والاطمئنان بذلك.
مضافا إلى الأدلة والبراهين نجد في القصّة إشارات إلى عدّة قضايا مهمة ترتبط بنجاح الدعوة الإلهيّة وتحقيق أهدافها :
الاولى : قضية أخلاق الحركة والرسالة ، مثل : الصبر ، والصمود ، والأمل بالمستقبل ، والثقة بالله ، والتوكل عليه.
الثانية : قضية الطاعة للقيادة والنظم في العمل.
الثالثة : قضية الاطلاع على مواقف الأعداء وحركتهم ، كما يظهر ذلك من قضية مؤمن آل فرعون ، ومجيء الرجل من أقصى المدينة.
٣ ـ مواجهة الكافرين والمنافقين :
يعطينا القرآن الكريم صورا وألوانا من المواجهة التي تحصل بين النبي وجماعته من جانب ، والكافرين بدعوته أو اولئك المنافقين المتظاهرين بقبولها ولكنّهم يعادونها في مواقفهم وأعمالهم من جانب آخر.
وتتخذ هذه المواجهة صورا وألوانا مختلفة متفاوتة على اختلاف مدى نجاح النبي في الدعوة ، وسعة أهدافه ، ومقدار معارضته للمفاهيم الاجتماعية السائدة ، والتحوّل الذي يسعى لايجاده. وتكاد أن تكون هذه المواجهة شيئا طبيعيا نتيجة الصراع الذي يدور بين الفكرة الجديدة وأنصارها والفكرة السائدة في المجتمع وحماتها.
والقرآن الكريم حين يعرض هذا الموضوع في قصّة موسى يريد أن يؤكّد هذا المفهوم الاجتماعي والسنة التأريخية في الصراع ، ولا سيّما إذا كان صراعا شاملا وإخراجا للنّاس من الظلمات إلى النور وأن هذه المعارضة القوية من المشركين وغيرهم التي حصلت للنبي محمّد صلىاللهعليهوآله ليست بدعا في التاريخ ، وإنّما هي النتيجة