تسوده ، بالإضافة إلى طرحه لمفاهيم معينة عن هذا العالم ربّما لا يكون لها أثر كبير في حياته الدنيوية غير هذا الربط الذي يهدف إليه القرآن الكريم ، كما هو الحال في طرح مفاهيم اللوح والقلم والكرسي والعرش (١) ، وعلى هذا الأساس يمكن أن نرى أنّ هذا الهدف مما استهدفه القران من قصة موسى عند ما تعرض إلى ذكر هذا القدر من المعاجز والتأكيد عليها.
ولعلّ في هذا ما يبرّر الاهتمام القرآني في تكرار هذا الموضوع وإعطاء تفصيلات كثيرة عنه في القصّة. وإذا أردنا أن نقارن بين الآيات التي جاءت تتحدّث عن هذا الموضوع والآيات التي تحدّثت عن بقية الموضوعات الاخرى في القصّة لوجدنا هذا الموضوع يكاد يطغى على بقية الموضوعات ، من حيث ما ذكر فيه من تفصيلات.
فقد وجدنا أنّ هذا الموضوع يشار إليه في مواطن عديدة منها : كيفية نجاة موسى من الذبح عند ولادته ، وكيفية بعثة موسى وخطابه من وراء الشجرة التي تشتعل نارا ، وفي معجزة العصا واليد ، وفي توالي الآيات على الفرعونيين : من الدم ، والجراد ، والقمل ، والطوفان ، ونقص السنين والثمرات ، وفي انفلاق البحر لبني إسرائيل ، وفي موت الأشخاص الذين اختارهم موسى لميقات ربه ثمّ بعثهم ، وفي قضية قارون وخسف الأرض به ، وفي نتق الجبل في قصّة البقرة ، وغيرها من الآيات الاخرى ، ويكاد أن تستوعب هذه الامور أكثر قصّة موسى.
مضافا إلى هذا الهدف القرآني العام لاحظنا في دراستنا في القسم الأوّل
__________________
(١) تناولنا هذا الموضوع بشيء من التوضيح في بحث المحكم والمتشابه ، وبحث التفسير في علوم القرآن عند ما تعرضنا لبيان الحكمة من المتشابه. راجع علوم القرآن : ١٨٩ ، وكذلك : ٢٢٠.