الثاني : هو الذي ينتهي برؤيته النار عند بعثته.
وحين نلاحظ الظواهر العامة في هذين الدورين يبرز لنا موسى في شخصيته ذلك الإنسان الذي يريد الله ـ سبحانه ـ أن يعدّه لأعباء مهمة تخليص بني إسرائيل من الظلم الاجتماعي الذي حاق بهم ، وتخليص شعب مصر من عبودية الأوثان وهدايتهم لوحدانية الله سبحانه.
وتتلخص هذه الظواهر بميزات ثلاث لها دور كبير في شخصية الإنسان القائد ، وهي كالتالي :
الاولى : المركز الاجتماعي الذي كان يتمتع به موسى دون بني إسرائيل نتيجة لتبني العائلة المالكة في مصر تربيته ورعايته.
وهذا المركز الاجتماعي الفريد وإن كان قد فقد تأثيره ـ إلى حد كبير ـ بعد هروب موسى من مصر بسبب قتله الفرعوني ، ولكنّنا يمكن أن نتصوره عاملا مهما في إظهار موسى ـ في المجتمع بشكل عام والإسرائيلي بشكل خاص ـ شخصية تتبنى قضية الدفاع عن بني إسرائيل وتعمل من أجلها.
ولعل ضياع هذا المركز الاجتماعي المهم بسبب قتل الفرعوني هو الذي يفسر لنا نظرة موسى إلى قتل الفرعوني ـ نظرته ـ إلى ذنب يستحق الاستغفار والتوبة منه إلى الله تعالى ؛ إذ ضيّع موسى بهذا العمل الارتجالي ـ الذي صدر منه بدوافع نبيلة وصحيحة ـ فرصة ثمينة كان من الممكن استثمارها في سبيل استنقاذ الشعب الإسرائيلي ، خصوصا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنّ موسى كان يتصف بالعلم والحكمة في هذه المرحلة كما وصفه القرآن الكريم.
الثانية : الشعور الإنساني والحس النبيل الذي كان يحس به موسى بوصفه إنسانا يتحلى بالأخلاق الكاملة ، ويتمثل لنا هذا الخلق الإنساني في ثلاثة مواقف