استسقى موسى قومه ، فيأمره بضرب الحجر فتتفجر منه العيون بعدد الأسباط الاثني عشر ، كما ينزل عليهم المن والسلوى ، ثمّ يبدلهم عنه ببعض المآكل الاخرى بعد أن يطلبوا منه ذلك.
ويواجه موسى بعد ذلك أقسى وأشدّ حادثة في حياته ، وهي ردّة بني إسرائيل عند ذهابه لميقات ربه ؛ لتلقي الشريعة في ألواح التوراة ، فيخبره الله ـ تعالى ـ بعبادتهم للعجل الذي صنعه السامري ، فيرجع إلى قومه (... غَضْبانَ أَسِفاً ...)(١) ويعتب بقسوة على أخيه هارون ؛ إذ كان قد استخلفه عليهم فترة ذهابه ، فيأخذ برأسه ولحيته تعبيرا عن غضبه لهذا العمل الشنيع ، ويطرد السامري ، ويفرض عليه عقوبة المقاطعة ، ويحرق العجل ، وينسفه ، ويرميه في اليم. ثمّ يتوب الله على بني إسرائيل بعد أن فرض عليهم عقابا صارما ، وهو القتل لأنفسهم.
وعلى هذا المنوال يذكر لنا القرآن الكريم أحداثا مختلفة عن حياة موسى مع بني إسرائيل ، كقضية البقرة ونتق الجبل ، وامتناعهم عن تلبية الدعوة للدخول إلى الأرض المقدسة ، وما كتب الله عليهم من التيه مدّة أربعين سنة ، وذهابهم للمواعدة من أجل التوبة ، فإذا بهم يطلبون رؤية الله جهرة ، فأخذتهم الرجفة ، وقصّة قارون وتآمره على موسى. وفي بعض هذه الأحداث لا نجد القرآن الكريم يحدّد المتقدّم منها على الأحداث الاخرى بشكل واضح. وبهذا القدر نكتفي من سرد القصّة حسب تسلسلها الزمني (٢).
__________________
(١) طه : ٨٦.
(٢) تراجع (قصص الانبياء) لعبد الوهاب النجار بصدد الأحداث التي وقعت لموسى مع قومه بني إسرائيل ، وإن كنا ربما لا نتفق معه في بعض الخصوصيات التي يسردها.