امْرَأَتَيْنِ ...) في حيرة من أمرهما تذودان الأغنام ، وتجمعانها ولا تسقيان. فأخذه العطف عليهما ، فقال لهما : (... ما خَطْبُكُما ...) ولما ذا لا تسقيان؟ قالتا له : (... لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ ...) وينتهوا من السقي ؛ لأنّنا امرأتان لا يمكننا أن نزاحم الرجال (... وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ ...) لا يتمكن من القيام بهذه المهمة الشاقة. فتولى موسى عنهما هذه المهمة ، فسقى لهما ، ثمّ انصرف إلى ناحية الظل وهو يشكو ألم الجوع والغربة والواحدة ، فقال : (... رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)(١).
ولما رجعت الامرأتان إلى أبيهما الشيخ ، وعرف منهما قصّة هذا الانسان الغريب الذي سقى لهما ، بعث إلى موسى إحداهما لتدعوه ، فجاءته تمشي على استحياء فقالت (... إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا ...) فأجاب موسى الدعوة ، وحين انتهى إلى الشيخ طلب منه أن يخبره عن حاله ، فقصّ موسى عليه قصّة هربه وسببها ، وحينئذ آمنه الشيخ وقال له : (... لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)(٢).
وقد طلبت إحدى ابنتي الشيخ من أبيها أن يستأجر موسى للعمل عنده ، وليقوم عنهما ببعض المهام الملقاة على عاتقهما نتيجة عجز الشيخ وضعفه ، وذلك نظرا لقوة موسى وقدرته على القيام بالعمل مع أمانته وشرف نفسه.
فقال له الشيخ : (... إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ ...)(٣) شريطة
__________________
(١) القصص : ٢٤.
(٢) القصص : ٢٥.
(٣) القصص : ٢٧.