قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الارض :
فلمّا عمّ الطوفان ، وأغرق الناس (١) أمر الله الأرض أن تبلع ماءها ، والسماء أن تقلع ، وغيض الماء ، واستوت السفينة على جبل الجوديّ ، وقيل بعدا للقوم الظالمين ، واوحي إلى نوح عليهالسلام أن اهبط إلى الارض بسلام منّا وبركات عليك وعلى أمم ممّن معك ، فلا يأخذهم بعد هذا طوفان عام ، ومنهم أمم سيمتعهم الله بأمتعة الحياة ، ثمّ يمسّهم عذاب أليم ، فخرج هو ومن معه ، ونزلوا الأرض يعبدون الله بالتوحيد والإسلام ، وتوارثت ذريته عليهالسلام الأرض ، وجعل الله ذريته هم الباقين (٢).
قصّة ابن نوح الغريق :
ولم يكن نوح عليهالسلام يعلم من ابنه إبطان الكفر كما كان يعلم ذلك من امرأته ، فكان غرقه مفاجأة له ، وحزن لذلك ، ولو كان علم ذلك لم يفاجأ ، ولم يحزنه أمره ، وهو القائل في دعائه : (... رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً* إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً)(٣) ، وهو القائل : (فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(٤) ، وقد سمع قوله تعالى فيما أوحى إليه :
__________________
(١) كما يظهر من سورة الصافات : ٧٧.
(٢) سورتا هود والصافات.
(٣) نوح : ٢٦ ـ ٢٧.
(٤) الشعراء : ١١٨.