الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٥٤) وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ
____________________________________
الرَّسُولِ) أي ليس الواجب عليه (إِلَّا الْبَلاغُ) أي تبليغكم الأحكام (الْمُبِينُ) أي بلاغا واضحا ظاهرا لا لبس فيه ولا غموض.
[٥٦] (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) أيها المسلمون (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بأن صحّت عقيدتهم وعملهم ولعل الإتيان بلفظ «منكم» للتشريف بأن الوعد لهم ، وإلا فالوعد عام يشمل كل مؤمن عامل بالصالحات (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) أي يجعلهم خلفاء لمن سبقهم ، فيكونون سادة وملوكا عقب الكفار الذين ملكوا الأرض وسادوا البلاد (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) كما جعل الله المؤمنين من الأمم السابقة خلفاء الكفار في سيادة البلاد ، كما استخلف بني إسرائيل مكان الملوك الكافرة ، وكما استخلف النصارى مكان اليهود ، فصاروا سادة ، وكذلك المسلمون إذا آمنوا إيمانا صحيحا وعملوا الصالحات يستخلفهم الله سبحانه في مكان الكفار ليكونوا هم ملوك الأرض وسادتها عوض الكفار ، وقد أنجز الله هذا الوعد ـ كما يدل على ذلك التاريخ الإسلامي ـ بل لقد رأينا أن من بركة أولئك المؤمنين العاملين للصالحات ، وصل ملك الأرض إلى من كان في زي الإسلام ، وإن كان الإسلام منه بمعزل. (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ) أي يمكنهم من إقامة دينهم الذي هو الإسلام ، أو المراد يمكن دينهم بأن يجعل له مكنة وقوة ليظهر على جميع الأديان ، ويغلب عليها ، فتذهب الأديان وتضمحل ويأخذ هذا الدين مكانها ، وارتضى لهم أي اختاره