قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى (٥٢) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى (٥٣)
____________________________________
يشغل الإنسان نفسه بما لا يرتبط بمبحثه في الصميم ، ولذا (قالَ) عليهالسلام (عِلْمُها) أي علم تلك القرون (عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي) لذلك الكتاب ، أو لا يخطئ في أمر تلك القرون (وَلا يَنْسى) ما فيه ، يعني أن الله سبحانه هو العالم بشؤون تلك الأمم وقد أثبت شؤونها في كتاب خاص لا يتطرق إليه الضلال ، ولا الغلط.
[٥٤] ثم رجع موسى عليهالسلام إلى صميم الموضوع وهو التعريف بإله الكون بذكر صفاته وآثاره ، فإن ربي هو (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) كالمهد للطفل الذي يستقر فيه ويكون سببا لراحته وصحته (وَسَلَكَ لَكُمْ) السلك هو إدخال الشيء في الشيء أي أدخل لأجلكم (فِيها) أي في الأرض (سُبُلاً) جمع سبيل ، أي طرقا لسيركم من محلكم إلى مقصدكم.
(وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) لشربكم والتمتع به في سائر حوائجكم ، ثم التفت السياق من الغيبة إلى التكلم ، بإتيان جملة خارجة عن كلام موسى ، لينتقل بالناس من محيط القصة إلى المشافهة والمشاهدة ، وذلك أبلغ تأثيرا في نفس السامع ، كما وقع مثله في سورة الحمد (فَأَخْرَجْنا بِهِ) أي بذلك الماء (أَزْواجاً) أصنافا (مِنْ نَباتٍ شَتَّى) جمع شتيت ، كمرضى جمع مريض ، والمراد بالنبات الجنس ولذا وصف بالجمع ، نحو «الدرهم البيض» والنباتات مختلفة الأشكال والألوان والطعوم والروائح والخواص والأوزان وغير ذلك ، فمن يا