فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا (٤٥) قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (٤٦) قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (٤٧)
____________________________________
وتطيع الشيطان ، وتعبد الأصنام (فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا) بأن يكلك الله إلى الشيطان ، حتى تكون وليا وتابعا له ، لا وليا لله وتابعا إياه ، والشيطان لا يغني عن وليه شيئا ، فتخسر الدنيا والآخرة.
[٤٧] (قالَ) آزر ، مجيبا لإبراهيم في دعوته (أَراغِبٌ) أي هل تنفر (أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي) معرض عنها (يا إِبْراهِيمُ) فإن رغب ، إذا عدي ب «عن» كان بمعنى النفرة ، وإذا عدي ب «في» كان بمعنى الطلب ، والاستفهام إنكاري (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ) عن دعوتك ، وإعراضك عن الأصنام (لَأَرْجُمَنَّكَ) بالحجارة ، فابتعد عني (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) أي فارقني وتنح عني دهرا طويلا ، فإن الملي بمعنى الدهر الطويل ، من ملو ، يقال كنت عنده ملوا أي زمانا طويلا.
[٤٨] (قالَ) إبراهيم عليهالسلام في جواب آزر (سَلامٌ عَلَيْكَ) أي كن سالما ، وهذه كلمة يقولها الإنسان الحليم عند ملاقاة الجاهل ، كما قال سبحانه (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) (١) وذلك من باب ترقيق الجو ، ولتلطيف نفس الجاهل العاتية ، حتى لا تزيده الدعوة والكلام بغضا وعنادا فوق ما كان (سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) أي أطلب منه الغفران لك ، وذلك بأن يهديك حتى تستحق الغفران (إِنَّهُ) سبحانه (كانَ بِي حَفِيًّا) لطيفا بارا ، فلعله يقبل استغفاري ويهديك الصراط.
__________________
(١) الفرقان : ٦٤.