عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ
____________________________________
هناك إسماعيل وأمه هاجر ، دون إسحاق وأمه سارة ، فقد كانا عنده قرب فلسطين ، حيث مخيمه ومضيفه وماشيته ، وقد أمر الله سبحانه إبراهيم بهذا الإسكان ، عند البيت لينتشر البلاغ والدعوة من هناك ، وقد كان إبراهيم يتراوح بين مكة وفلسطين ، وقد صار ما قدره الله سبحانه من انتشار الدعوة من هناك ، ولعلّ جعل إسماعيل الصغير وأمه هاجر ، في تلك الصحراء القفر الموحش حكمة جلب أنظار المارة ، ومن حولهم ـ بعيدا ـ في الأخبية من البدو النزل ، إلى هذا البيت ، فيكون ذلك سببا للهداية فإن الفطرة البشرية تعطف على المظلوم والغريب والكسير ومن إليهم ، مما يهيئ الجو المستعد للبلاغ والإرشاد.
(عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) وإنما قال عليهالسلام عند بيتك ولم يبين بعد ، لأن البيت كان سابقا على إبراهيم ولذا ورد أن آدم عليهالسلام حج البيت ، وإنما خرّب بعد ذلك حتى ذهب أثره ، إما بفعل الطبيعة ، أو بعض الأشخاص كما قال بعض المفسرين أنه خربه «طسم» و «جديس» وإضافة البيت إليه سبحانه تشريفي ، ووصف البيت بالمحرم لأنه لا يجوز الوصول إليه إلا بالإحرام ، أو بمعنى العظيم الحرمة ، أو لأنه يحرم فيه بعض الأشياء كالصيد وما أشبه.
(رَبَّنا) إني قد أسكنتهم هناك (لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ) ولعلّ المراد إقامتها بإرشاد الناس إليها ودعوتهم إلى الصلاة ، لا أنهم يصلونها ، فإن ذلك كان ممكنا حتى عند غير البيت ، أو المراد أن كونهم في البيت هو الذي يحفزهم على إقامة الصلاة ، فإن الإنسان إذا كان في مراكز القدس ، يمثل نفسه إلى الابتهال والاتصال بالله سبحانه ، بخلاف