فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (١١٦) وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى
____________________________________
الله سبحانه بهذه الحقيقة حتى يأخذ الناس حذرهم ، ويعلموا أنهم إن لم يصلحوا انهاروا واستحقوا العذاب.
(فَلَوْ لا) أي فهلّا ، تقريح وذم (كانَ مِنَ الْقُرُونِ) جمع قرن وهو الجيل ، أي من الأجيال السابقة التي كانت (مِنْ قَبْلِكُمْ) أيها المسلمون (أُولُوا بَقِيَّةٍ) أصحاب بقايا فضل وعقل وتدبر ، فكأنهم كلهم كانوا أحداثا ، لا بقية عقل وحنكة وحكمة فيهم حتى يتدبروا ويتفكروا ويعتبروا بالماضين (يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ) فإنه كان من اللازم أن يكون فيهم جمع هذه صفتهم حتى ينقذوا الأمم والقرون من الهلاك (إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ) من أنبيائهم وبعض المؤمنين بهم ، مما لم يكن يكفي لدفع العذاب عنهم ، فإن الطبيب ولو كان من أحذق الأطباء لكنه إذا لم يجد آذانا صاغية من المرضى والممرضين لم يكن لأمره نفع في إنقاذ المرضى ، إن القليل الذين كانوا ينهون قد أنجيناهم ، أما سائر الجيل فقد أهلكوا بفسادهم وعصيانهم (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) وعصوا (ما أُتْرِفُوا فِيهِ) أي اتبعوا ترفهم وشهواتهم ، في مقابل المؤمنين الذين اتبعوا أوامر الله سبحانه ومناهج الأنبياء (وَكانُوا مُجْرِمِينَ) ذوي إجرام وعصيان ، ولذا أهلكوا بسبب أعمالهم الفاسدة.
[١١٨] (وَما كانَ رَبُّكَ) يا رسول الله (لِيُهْلِكَ الْقُرى) السابقة ، أي يهلك