وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً اللهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٣١)
____________________________________
والمصلحين : أطرد فلانا وفلانا ، ممن يرون أنهم فوقهم شأنا. وقد دلت التجارب أن أولئك المؤمنين هم المخلصون الذين يحملون مشعل الإصلاح دون أولئك المتكبرين الذين يريدون طرد جماعة ، فإن المتكبر لا يصلح لحمل شعلة الهداية والإصلاح.
[٣٢] (وَ) يا قوم (لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ) فأتمكن فوق قدرة البشر بأن أبذل ما أشاء ، وأفعل ما أشاء (وَلا أَعْلَمُ) بنفسي من دون إرشاد ربي (الْغَيْبَ) الأمور الغائبة عن الحواس والمدارك ، حتى أريد أن أتفضل عليكم بذلك (وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ) من الملائكة ، فأنا بشر كما قلتم ذو إمكانية بشرية ، لا خزائن ، ولا غيب لي ، وإنما أنا رسول من قبل الله سبحانه (وَلا أَقُولُ) للمؤمنين الملتفين حولي الذين (تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ) «الازدراء» الاحتقار ، أي الذين تحتقرونهم. ونسبة الازدراء إلى العين لأنهم إنما ازدروهم لما عليهم من ألبسة رثة وأطمار خلقه ، ولو نظروا إلى واقعهم لرأوهم كبارا في نفوسهم ، عظماء عند الله سبحانه. وقد حذف المتعلق في الكلام ، أي تزدريهم أعينكم : (لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً) حيث لم يعطهم مالا وجاها ـ كما تقولون أنتم ـ فإن الخير في الإيمان والصفات الكاملة لا في المال والمنصب (اللهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ) فلقد أتاهم الخير كله ، حيث هيأ نفوسا نظيفة وقلوبا طاهرة (إِنِّي إِذاً) إذا طردتهم ، أو قلت : لن يؤتهم الله خيرا (لَمِنَ الظَّالِمِينَ) حيث ظلمتهم بذلك العمل ، أو هذا القول.