يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩) ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ
____________________________________
[١١٩] وبمناسبة توبة هؤلاء وصفاء باطنهم في التوبة ، وصدقهم في الرجوع إلى الحق ، يأتي السياق ليبيّن وجوب كون الإنسان متقيا منضما إلى جماعة الصادقين ، لينال الخير والغفران (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) اجتنبوا معاصيه وخذوا بأوامره (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) و «المعية» هنا تفيد المعية الانضمامية ، والمعية العملية ، بأن يصدق الإنسان ، وينضم مع الزمرة الصادقة ، لينال كل خير وفضل. وقد ورد في أحاديث كثيرة : أن المراد بهم أمير المؤمنين وآله الطاهرين (١) ، وهذا من باب أظهر المصاديق كما لا يخفى.
[١٢٠] ثم يأتي البيان العام للمسلمين بوجوب اتباع الرسول في كل أمر وعدم التخلّف عنه في غزو أو غيره (ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ) إنه خبر في معنى النهي ، أي : لا يجوز للمسلمين من أهل المدينة (وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ) أهل البدو ، وتخصيص هؤلاء بالذكر ليس لأجل خصوصية فيهما دون سائر المسلمين ، وإنما لأجل كونهما محل أوامر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم غالبا ، في الجهاد ونحوه ، وإلا فالمسلمون كلهم كذلك (أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ) في غزوة أو سفرة أو سائر ما يريده منهم ويعمله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، (وَلا) لهم أن (يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) الكريمة بأن يطلبوا لأنفسهم من الخير والراحة دون نفس الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بأن يؤثروا
__________________
(١) تفسير فرات الكوفي : ص ١٧٤.