خالِدِينَ فِيها ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٨٩) وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٠)
____________________________________
وقصورها ، فهم مشرفون على الأنهر الجارية ، وفي ذلك لذة ومتعة (خالِدِينَ فِيها) أبدا لا خروج لهم منها ، ولا زوال لنعيمها عنهم (ذلِكَ) الإحراز للخيرات وللجنات (الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) الذي لا شيء أعظم منه.
[٩٠] أمام الحركات ينقسم الناس إلى ثلاثة أصناف : قسم يأتي وينضم إلى الحركة ، وقسم لا يأتي ولا يعتذر ، وقسم يأتي ويعتذر. وهكذا حدث في غزوة تبوك ، فالمؤمنون الصادقون انضموا إلى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمنافقون بعضهم جاء ليعتذر بلا مبرّر ، وبعضهم لم يجئ إطلاقا حتى للاعتذار (وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ) من «اعتذر» باب «التفعيل» بمعنى : أبدى العذر بدون أن يكون ذا عذر في الحقيقة (مِنَ الْأَعْرابِ) إما المراد بهم : أهل البدو ، وإما المراد : أهل الحضر ، لكنهم شبّهوا بالأعراب في عدم استحقاقهم التكريم ، كما قال سبحانه : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً) (١).
جاء هؤلاء (لِيُؤْذَنَ لَهُمْ) أي يأذن لهم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في التخلّف عن الجهاد (وَقَعَدَ) المنافقون (الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) في باطنهم ، وإن أظهروا التصديق في الظاهر ـ كما هو شأن المنافق ـ فإن هؤلاء لم يأتوا إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للاعتذار بل قعدوا في مكانهم وكأن أمرا لم يحدث (سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ) من هؤلاء (عَذابٌ أَلِيمٌ) مؤلم موجع ، وإنما خصص جماعة منهم لأنهم لم يكفروا كلهم ، فالمعذورون من
__________________
(١) التوبة : ٩٧.