وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ (٨٤)
____________________________________
يخالفوننا ، وكونوا معهم دائما ، إن الذي يترك الإنسان في ساعة العسرة لا يصلح أن يكون معه ، فطبعه طبع انهزامي مخلد إلى الدعة ، ولو خرج لم يزد إلا خبالا وخذلانا ، فلذا كان اللازم أن يجتنب عنه إطلاقا ، بالإضافة إلى أن الإسلام في غنى عنه ، وهو لا يستحق شرف الجهاد فليبق في بيته ويكن مع الخالفين.
[٨٤] ثم نهى سبحانه نبيه عن الصلاة على مثل هؤلاء المنافقين ليحذر غيرهم من النفاق ، ولأنهم لا يستحقون الرحمة والغفران (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ) أي إذا مات أحد هؤلاء المنافقين فلا تصلّ على ميتهم (أَبَداً) أي إلى الأبد ، فإنه تجوز الصلاة على من لم يصلّ عليه إلى آخر العمر ـ على قول ـ لكن المنافق لا يستحق ذلك (وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) أي لا تقف على قبره للدعاء كما هو عادة الناس أن يقفون على قبر المسلم يدعون له ويستغفرون من أجله.
وذلك بسبب (إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) وإسلامهم الظاهري إنما حقن دماءهم وحفظ أموالهم وأعراضهم ، لكنه لم يدخلهم في زمرة المؤمنين الذين لهم الكرامة (وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ) خارجون عن طاعة الله سبحانه. ثم إن المراد ب «الصلاة» طلب الرحمة له ، كما أن المراد ب «الوقوف على قبره» ذلك ، فلا ينافي ذلك ما فعله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعبد الله ابن أبيّ المنافق الذي مات فصلّى الرسول عليه ، ولعنه عقيب الرابعة. ثم إنه قد اختلفت الأقوال حول هذا المنافق مما لا يهمنا التعرّض له.