وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦١) يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ
____________________________________
اعتقد بذلك أم لم يعتقد. فقد اعتقد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم صحة كلام جبرئيل المنزل من قبله سبحانه ، كما رتّب أثر الصحة لنفع ذلك المؤمن ـ المنافق ـ حيث لم يعاقبه. ولا يخفى أن «الإيمان» له إطلاقان : إطلاق على كل مؤمن مقابل الكافر ، وهو من أظهر الإسلام ، وإن لم يدخل في قلبه ، كما قال سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا) (١) ، وإطلاق على المعتقد في مقابل المنافق ، كما قال سبحانه : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) (٢) ، والمراد هنا : الإطلاق الأول.
(وَ) هو صلىاللهعليهوآلهوسلم (رَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) ولو إيمانا ظاهريا ، حيث أنه هداهم للأصلح بحالهم في الدنيا ، أما المؤمن الحقيقي فإنه سعد بالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم دنيا وآخرة (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ) بالقول أو العمل ، لا يظنون أنهم فاتوه حيث لم يعاقبهم وقبل عذرهم ، فلم يرتّب على أذيتهم شيء ، بل (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) مؤلم موجع في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا فلأن إيذاء الرسول له أثر وضعي يوجب الخسران والخزي ، وأما في الآخرة فله عذاب أليم في النار.
[٦٢] (يَحْلِفُونَ بِاللهِ) أي يحلف هؤلاء المنافقون (لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ) حيث أنكم تقبلون عذرهم إذا أقسموا بالله بأنهم لم يقولوا ما قالوا ، ولم يفعلوا ما فعلوا (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) أي يرضوا كل واحد
__________________
(١) النساء : ١٣٧.
(٢) الحجرات : ١٥.