يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٣)
____________________________________
لأجله تعالى فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ) بأن تتولّونهم ولاء صادرا من الأعماق ، وإن استحبّت معاشرتهم في الظاهر لقوله سبحانه : (وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) (١) ، (إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ) أي آثروا الكفر واختاروه (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ) أي الآباء والإخوان (مِنْكُمْ) فيقدّم ولايتهم على ولاية الله والرسول والمؤمنين (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الذين ظلموا أنفسهم حيث أوجبوا لها خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
وفي بعض الأحاديث : إن الآية وردت في «حاطب بن أبي بلتعة» (٢) فإن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لما أراد فتح مكة ، أمر أصحابه بكتمان الأمر حتى يفاجئ المسلمون الكفار ولا تراق الدماء ، فكتب حاطب إلى أهل مكة يخبرهم بخبر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأطلع الله رسوله بالخبر ، فوبخ حاطبا ثم عفا عنه ، وأرجع الرسول الذي كان بيده الكتاب ، فكان كما أراد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من عدم وصول الخبر إليهم ، وقد قال حاطب معتذرا أن له أهلا في مكة فخاف أن تكون الدائرة على المسلمين ، فيكون له يد على الكفار ، ويسلم أهله من عقابهم وعذابهم.
[٢٤] ثم بيّن سبحانه ميزان الإيمان الصحيح ، وأنه لا يكون إلا بأن يرجّح
__________________
(١) لقمان : ١٦.
(٢) راجع مجمع البيان : ج ٥ ص ٣٠.