وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٩)
____________________________________
فهما أمران شكليان ، إذا لم تنضم إليهما روح الإيمان لن ينفعا شيئا (وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ) لإعلاء كلمته سبحانه (لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ) أولئك وهؤلاء (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) فإن من ظلم نفسه بالكفر لا يكون مهديا ، فلا يكون عمله عن اهتداء حتى يترتب عليه فضل.
روي أن العباس وشيبة أنهما تفاخرا ، فمر بهما أمير المؤمنين علي عليهالسلام فقال : بماذا تتفاخران؟ فقال العباس : لقد أوتيت من الفضل ما لم يؤت أحد ، سقاية الحاج. وقال شيبة : أوتيت عمارة المسجد الحرام. فقال علي عليهالسلام : استحييت لكما ، فقد أوتيت على صغري ما لم تؤتيا. فقالا : وما أوتيت يا علي؟ قال : ضربت خراطيمكما بالسيف حتى آمنتما بالله ورسوله ، فقام العباس مغضبا يجرّ ذيله حتى دخل على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : أما ترى إلى ما يستقبلني به علي؟ فقال : ادعوا لي عليا فدعي له ، فقال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما حملك على ما استقبلت به عمك فقال : يا رسول الله صدمته بالحق فمن شاء فليغضب ومن شاء فليرض. فنزل جبرائيل عليهالسلام فقال : يا محمد إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول : اتل عليهم (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ ..). فقال العباس : إنا قد رضينا «ثلاث مرات» (١).
وقد كانت سقاية الحاج عبارة عن تهيئة دلاء وأواني قبل الموسم فتملأ ماء من بئر زمزم ، فإذا جاء الحجاج سقوا منها ، حيث أن البئر
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٣٦ ص ٣٩.