كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٥٢) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ
____________________________________
[٥٣] (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) الدأب : العادة ، والكافر للتشبيه ، أي أن عادة هؤلاء المشركين في الكفر بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كعادة آل فرعون وهم قومه وأتباعه (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من أقوام الأنبياء ، في الكفر بالرسل وتكذيبهم ، فليس تكذيب هؤلاء جديدا ، فإن السابقين عليهم أيضا (كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) وما أنزل على الأنبياء (فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ) بأن عاقبهم وأنزل عليهم أنواع العذاب (إِنَّ اللهَ قَوِيٌ) لا يقدر أحد على التمرد عليه ، فإذا أراد أخذ أحد أخذه أخذ عزيز مقتدر (شَدِيدُ الْعِقابِ) وليس عقابه يسيرا هيّنا حتى لا يخشى منه.
[٥٤] (ذلِكَ) العقاب الذي حلّ بأولئك وهؤلاء ، ليس اعتباطا وابتلاء من الله سبحانه بلا استحقاق بل بسبب عملهم ، لأن (اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما) أي الحالة الصحيحة التي كانت (بِأَنْفُسِهِمْ) إن الصحة والرخاء والأمن والغنى أحوال لاصقة بأنفس الناس ، منحها الله إياهم ، وطلب أن يعملوا برضاه فيها ، فإذا غيّروا ما طلب منهم بالنسبة إليها ، بأن صرفوا تلك النعم إلى المعاصي ، غيّر الله تلك النعم فأبدل الصحة مرضا ، والرخاء ضنكا ، والأمن اضطرابا ، والغنى فقرا. وهذا بالإضافة إلى كونه مرتبطا بما وراء المادة ، مرتبط بالمادة أيضا ، فإن الصحة تنحرف باستعمال