وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (٥٠) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٥١)
____________________________________
أي يضربونهم من الأمام ومن الخلف ، كما يضرب المجرم الكثير الاجرام (وَ) يقال لهم : (ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) أي العذاب الذي يحرق.
وقد روي أن الملائكة كانت تضرب قتلى المشركين في بدر بالمقامع فتلهب جراحاتهم بالنار وتزهق أرواحهم (١). والإتيان بصيغة الأمر في «ذوقوا» لتصوير المشهد كأنه مجسّم أمام المخاطب ، وهو من باب الإلفات ، كما ذكر في علم البلاغة.
[٥٢] (ذلِكَ) العقاب لكم أيها الكفار (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) أي بما قدّمتم وفعلتم من الكفر والمعاصي ، وإنما نسب إلى اليد ، للتغليب ، فإن كثيرا من الأعمال تأتي بواسطة اليد (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) «ظلّام» صيغة للنسبة ، لا مبالغة ، كتمّار بمعنى المنسوب إلى التمر. قال ابن مالك :
ومع فاعل ، وفعّال ، فعل |
|
في نسب أغنى عن اليا فقبل |
ومن المحتمل أن تكون مبالغة ، وذلك لإفادة أنه سبحانه لو كان ظالما لكان كثير الظلم لأن كل صفة تصحّ فيه تعالى لا بد وأن تبلغ شأنا كثيرا ، فنفي المبالغة نفي للأصل ، والمعنى : إن العقاب ليس إلا بسبب جناية العبد ، لا أنه اعتباطي منه سبحانه.
__________________
(١) راجع مجمع البيان : ج ٤ ص ٤٨٠.