أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧١)
____________________________________
بأن رجح في نفوسهم (أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ) أي واقع عليهم ، ولعل الإتيان ب «الباء» لإفادة أن وقوعه عليهم يسبب وقوعهم أيضا ، وحينما رفع الجبل فوقهم قيل لهم : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ) من الأحكام (بِقُوَّةٍ) أي بشدة وجهد واجتهاد. وذلك أن موسى عليهالسلام لما جاءهم بالتوراة لم يقبلوها فقطع جبرئيل عليهالسلام قطعة من جبل الطور ورفعها فوق رؤوسهم ، مهددا أنهم إن لم يقبلوا ألقاها عليهم حتى يهلكوا عن آخرهم ، ولما رأوا ذلك خافوا وقبلوا بكل كره وإجبار (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) أي من العهود والمواثيق (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أي لكي يحصل منكم التقوى ، أو لكي تخافوا عقاب الله ، فتتجنبوا المعاصي ، فإن من بنى على العمل بالكتاب يشع في نفسه جوّ من الرهبة يبعثه على التقوى.
[١٧٣] وحين انتهت قصص موسى عليهالسلام مع قومه يبدأ السياق ليفتح قصصا جديدة حول التوحيد ، وإذ انتهى من الكلام السابق حول أخذ الله الميثاق من بني إسرائيل ، تأتي هنا قصة أخذ الله سبحانه الميثاق من البشر جميعا حول الوحدانية. وفي الآية قولان :
الأول : ما روي أنه أخرج الله من ظهر آدم عليهالسلام ذريته كالذّرّ يوم القيامة فخرجوا مثل الذر فعرّفهم نفسه وأراهم صنعه ، ولو لا ذلك لم يعرف أحد ربه فثبتت المعرفة ونسوا الموقف.
الثاني : إن الآية جارية مجرى الكلام العرفي البلاغي على طريقة التمثيل.
ومن المعلوم أن القول الأول لا مانع فيه إطلاقا ، فإن الله قادر