(وَقُلْنا يا آدَمُ
اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا
تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ)
(٣٥)
النّور ، ولأنّه
أبى وعصى واستكبر والملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ولا يستكبرون عن عبادته ،
ولأنّه قال : (أَفَتَتَّخِذُونَهُ
وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي) ولا نسل للملائكة. وعن الجاحظ أنّ الجنّ والملائكة جنس واحد فمن طهر منهم فهو ملك ومن
خبث فهو شيطان ومن كان بين بين فهو جنّ (أَبى) امتنع مما أمر به (وَاسْتَكْبَرَ) تكبّر عنه ، (وَكانَ مِنَ
الْكافِرِينَ) وصار من الكافرين بإبائه واستكباره وردّه الأمر ، لا بترك
العمل بالأمر لأنّ ترك السجود لا يخرج من الإيمان ولا يكون كفرا عند أهل السّنّة
خلافا للمعتزلة والخوارج ، أو كان من الكافرين في علم الله ، أي وكان في علم الله
أنّه يكفر بعد إيمانه لأنّه كان كافرا أبدا في علم الله وهي مسألة الموافاة.
٣٥ ـ (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ) أمر ، من سكن
الدّار يسكنها سكنى إذا أقام فيها ، ويقال سكن المتحرك سكونا (أَنْتَ) تأكيد للمستكن في اسكن ليصحّ عطف (وَزَوْجُكَ) عليه (الْجَنَّةَ) هي جنة الخلد التي وعدت للمتقين للنقل المشهور ، واللام
للتعريف ، وقالت المعتزلة : كانت بستانا باليمن لأنّ الجنة لا تكليف فيها ولا خروج
عنها ، قلنا إنّما لا يخرج منها من دخلها جزاء. وقد دخل النبي عليهالسلام ليلة المعراج ، ثم خرج منها ، وأهل الجنة يكلّفون المعرفة
والتوحيد ، (وَكُلا مِنْها) من ثمارها ، فحذف المضاف ، (رَغَداً) وصف بالمصدر ، أي أكلا رغدا واسعا (حَيْثُ شِئْتُما) شئتما وبابه بغير همز أبو عمرو ، وحيث للمكان المبهم أي أيّ مكان من الجنة
شئتما (وَلا تَقْرَبا هذِهِ
الشَّجَرَةَ) أي الحنطة. ولذا قيل كيف لا يعصي الإنسان وقوته من شجرة
العصيان ، أو الكرمة لأنّها أصل كلّ فتنة ، أو التينة (فَتَكُونا) جزم عطف
__________________