(يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (٢١) قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ (٢٢) قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٣) قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) (٢٤)
فسمى إنقاذهم ملكا (وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) من فلق البحر ، وإغراق العدو ، وإنزال المنّ والسّلوى ، وتظليل الغمام ، ونحو ذلك من الأمور العظام ، أو أراد عالمي زمانهم.
٢١ ـ (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ) أي المطهرة ، أو المباركة وهي أرض بيت المقدس أو الشّام (الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) قسمها لكم وسماها ، أو كتب في اللوح المحفوظ أنها مساكن لكم (وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ) ولا ترجعوا على أعقابكم مدبرين منهزمين من خوف الجبابرة جبنا ، أو لا ترتدوا على أدباركم في دينكم (فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ) فترجعوا خاسرين ثواب الدنيا والآخرة.
٢٢ ـ (قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ) الجبار فعّال من جبره على الأمر بمعنى أجبره عليه ، وهو العاتي الذي يجبر الناس على ما يريد (وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها) بالقتال (حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها) بغير قتال (فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها) بلا قتال (فَإِنَّا داخِلُونَ) بلادهم.
٢٣ ـ حينئذ (قالَ رَجُلانِ) كالب ويوشع (مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ) الله ويخشونه ، كأنه قيل رجلان من المتقين ، وهو في محل الرفع صفة لرجلان وكذا (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا) بالخوف منه (ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ) أي باب المدينة (فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ) أي انهزموا ، وكانت الغلبة لكم ، وإنما علما ذلك بإخبار موسى عليهالسلام (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) إذ الإيمان به يقتضي التوكل عليه ، وهو قطع العلائق وترك التملق للخلائق.
٢٤ ـ (قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها) هذا نفي لدخولهم في المستقبل على وجه التوكيد (أَبَداً) تعليق للنفي المؤكد بالدهر المتطاول (ما دامُوا فِيها) بيان للأبد (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ) من العلماء من حمله على الظاهر وقال إنه كفر منهم ، وليس