(يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٢٦)
إيمانهنّ ، ودليل على أنّ الإيمان هو التصديق دون عمل اللسان ، لأنّ العلم بالإيمان المسموع لا يختلف (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) أي لا تستنكفوا من نكاح الإماء فكلّكم بنو آدم ، وهو تحذير عن التّعيير بالأنساب والتفاخر بالأحساب (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَ) سادتهنّ ، وهو حجة لنا في أنّ لهنّ أن يباشرن العقد بأنفسهنّ لأنّه اعتبر إذن الموالي لا عقدهم ، وأنّه ليس للعبد أو للأمة أن يتزوج إلا بإذن المولى (وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وأدوا إليهنّ مهورهنّ بغير مطل وإضرار ، وملّاك مهورهنّ مواليهنّ فكان أداؤها إليهنّ أداء إلى الموالي لأنهنّ وما في أيديهنّ مال الموالي ، أو التقدير فآتوا (١) مواليهنّ فحذف المضاف (مُحْصَناتٍ) عفائف ، حال من المفعول في وآتوهن (غَيْرَ مُسافِحاتٍ) زوان علانية (وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) زوان سرا والأخدان : الأخلّاء في السرّ (فَإِذا أُحْصِنَ) بالتزويج ، أحصنّ كوفي غير حفص (فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ) زنا (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ) أي الحرائر (مِنَ الْعَذابِ) من الحد يعني خمسين جلدة ، وقوله : نصف (٢) يدلّ على أنّه الجلد (٣) لأنّ الرجم لا يتنصف وأنّ المحصنات هنا الحرائر اللاتي لم يزوّجن (ذلِكَ) أي نكاح الإماء (لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ) لمن خاف الإثم الذي تؤدي إليه غلبة الشهوة ، وأصل العنت انكسار العظم بعد الجبر فاستعير لكلّ مشقة وضرر ولا ضرر أعظم من مواقعة المآثم ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما هو الزنا لأنّه سبب الهلاك (وَأَنْ تَصْبِرُوا) في محل الرفع على الابتداء ، أي وصبركم عن نكاح الإماء متعففين (خَيْرٌ لَكُمْ) لأنّ فيه إرقاق الولد ، ولأنّها خرّاجة ولأّجة ممتهنة مبتذلة ، وذلك كلّه نقصان يرجع إلى الناكح ومهانة ، والعزة من صفات المؤمنين ، وفي الحديث : (الحرائر صلاح البيت والإماء هلاك البيت) (٤) (وَاللهُ غَفُورٌ) يستر المحظور (رَحِيمٌ) بكشف المحذور (٥).
٢٦ ـ (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) أصله يريد الله أن يبيّن لكم فزيدت اللام مؤكدة لإرادة التبيين كما زيدت في لا أبا لك لتأكيد إضافة الأب. والمعنى يريد الله أن يبيّن لكم ما هو خفيّ عليكم من مصالحكم وأفاضل أعمالكم (وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) وأن يهديكم مناهج من كان قبلكم من الأنبياء والصالحين والطرق التي
__________________
(١) في (ز) وآتوا.
(٢) في (ز) نصف ما على المحصنات.
(٣) في (ز) الجلد لا الرجم.
(٤) رواه الثعلبي وفي سنده كلام.
(٥) في (ظ) يستر ويكشف ، وفي (ز) يستر ، ويكشف المحظور.