(ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٩٩)
(فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) عطاء وتفضلا ، وهو النفع والربح بالتجارة والكراء (فَإِذا أَفَضْتُمْ) دفعتم بكثرة وهو (١) من إفاضة الماء وهو صبه بكثرة ، وأصله أفضتّم أنفسكم فترك ذكر المفعول (مِنْ عَرَفاتٍ) هي علم للموقف سمّي بجمع كأذرعات. وإنّما صرفت لأنّ التاء فيها ليست للتأنيث بل هي مع الألف قبلها علامة جمع المؤنث ، وسميت بذلك لأنّها وصفت لإبراهيم عليهالسلام فلما رآها عرفها. وقيل التقى فيها آدم وحواء فتعارفا ، وفيه دليل على وجوب الوقوف بعرفة لأنّ الإفاضة لا تكون إلا بعده (فَاذْكُرُوا اللهَ) بالتلبية والتهليل والتكبير والثناء والدعوات ، أو بصلاة المغرب والعشاء (عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) هو قزح ، وهو الجبل الذي يقف عليه الإمام وعليه الميقدة. والمشعر المعلم لأنّه معلم العبادة. ووصف بالحرام لحرمته (٢). وسميت المزدلفة جمعا لأنّ آدم عليهالسلام اجتمع فيها مع حواء وازدلف إليها أي دنا منها ، أو لأنّه يجمع فيها بين الصلاتين ، أو لأنّ الناس يزدلفون إلى الله تعالى أي يتقربون بالوقوف فيها (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) ما مصدرية أو كافة أي اذكروه ذكرا حسنا كما هداكم هداية حسنة ، أو اذكروه كما علّمكم كيف تذكرونه ولا تعدلوا عنه (وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ) من قبل الهدى (لَمِنَ الضَّالِّينَ) الجاهلين لا تعرفون كيف تذكرونه وتعبدونه وإن مخففة من الثقيلة ، واللام فارقة.
١٩٩ ـ (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) ثم لتكن إفاضتكم من حيث أفاض الناس ولا تكن من المزدلفة. قالوا : هذا أمر لقريش بالإفاضة من عرفات إلى جمع (٣) وكانوا يقفون بجمع وسائر الناس بعرفات ويقولون نحن قطّان حرمه فلا نخرج منه. وقيل الإفاضة من عرفات مذكورة فهي الإفاضة من جمع إلى منى. والمراد بالناس على هذا الحمس (٤) ويكون الخطاب للمؤمنين (وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ) من مخالفتكم في الموقف ، ونحو ذلك من جاهليتكم ، أو من تقصير (٥) في
__________________
(١) سقط من (ز) وهو.
(٢) زاد في (ز) وقيل المشعر الحرام مزدلفة.
(٣) جمع : هو المزدلفة ، وهو قزح ، وهو المشعر الحرام ، سمي جمعا لاجتماع الناس به. (معجم البلدان ٢ / ١٨٩).
(٤) في (ز) الجنس ، وسميت قريش حمسا لتشددهم في دينهم ، والأحمس : الصلب في الدين.
(٥) في (ز) تقصيركم.