٦٦ ، ٦٧ ـ (إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (٦٦) وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (٦٧))
[الفرقان : ٦٦ ، ٦٧]
الإسراف رد الأمر إلى الله مع التبرء من الحول والطول إلى حد الاستسلام بل والامتناع عن التحرك كما يفعل بعض أصحاب مقام التوكل الذين يظنون التوكل وقوع المعجزات من الله الفاعل الأكبر ، ناسين أن الله جعل في الإنسان إمكانات وقوى وآلات كلها إلهية أعيرت للإنسان فسمي الإنسان بها خليفة ونائبا ، وعليه فالفعل الإنساني هو جزء من الفعل الإلهي ، ومشيئته مشيئته ، وإرادته ، والمتحقق بهذا مثل عبد الكريم الجيلي لا يرى حاجزا بين الإنسان والله ، وبين الله والإنسان بحيث لا يمنعه التوكل التحرك والتحلي بالحول والطول ، وهذا هو معنى القوام أي الوسط ، قال البعض لرسول الله : أيرد الدواء من قدر الله؟ فقال : إنما نرد قدر الله بقدر الله ، فما خرج شيء عن قدر الله ، فالسرف رد الأمر كله إلى الله ، والتقتير رد الأمر كله إلى الإنسان ، والقوام رد الأمر إلى حقيقة وجودية هي حق وخلق.
٦٨ ، ٦٩ ـ (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (٦٨) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً (٦٩))
[الفرقان : ٦٨ ، ٦٩]
قتل النفس بالحق قتلها بسيف الحق نفسه ، وهذا مقام الفناء الذي يعيشه العارف والذي يكتشف فيه أن الله بلا كيف ولا حلول. فإذا كوشف العارف بهذا عرف أن أنيته أنية الحق فقدم طائعا راضيا أناه أضحية للحق الذي هو صاحب الأنيات الجزئية ، قال سبحانه : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ) [التّوبة : ١١١] ، والزنى الاتصال بالآخر دون الله ، وما من آخر إلا الله ، ولهذا فرض سبحانه الغسل بعد الجماع ليعلم المؤمن أنه يفعل ما يفعل بالله لا بنفسه وقواه. والرسول صلىاللهعليهوسلم حين قال : (حبب إلي من دنياكم ثلاث النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة) ، عبر عن تحققه بجوهر العلاقة بين الإنسان والله ، فكانت النساء محل الانفعال ، وكان الرجال فاعلين ، علما أن الفعل والانفعال من المعقولات التسع التي استوى بها الحق على عرش الوجود.
٧٠ ، ٧١ ـ (إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٧٠) وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً (٧١))
[الفرقان : ٧٠ ، ٧١]
السيئات سيئة الظهور ، والحسنات التبري من الظهور والسوى والأغيار باعتبار الإنسان