٤٦ ـ (لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٦))
[النور : ٤٦]
الآيات المعقولات ، ولكل شيء آية وكل شيء آية ، وآيات الإنسان أفكاره التي قال فيها جلال الدين الرومي : الخالق يخلي قلوبهم كل مساء من مئات الآلاف من خواطر الخير والشر بينما هو في النهار يملؤها من تلك الخواطر ، ويجعل الأصداف حافلة بالدرر ، وآيات الحيوان غريزته ، وآيات الأجرام الفضائية قانونها الذي يحكمها ، ولهذا جعلت الحكماء اليونانيون للكواكب عقولا.
فالآيات البرزخ بين عالمي الروح والمادة ، فهي النجوم الأوابد المعلقة في الفضاء تحتها الكل مقهورون ، ومن الناس من يهتدي بتلك الآيات فيكون فكره له آية وهدى كما قال الفارابي عن العقل المستفاد إنه أرفع العقول درجة بعد أن استفاد علومه من الدنيا والآخرة ، فبلغ مرتبة الخلافة ، أما إبن سينا فسمى هذا العقل العقل القدسي : وقال هو نوع من العقول الرفيعة المنزهة جدا ، وليس مما يشترك فيها الناس جميعا ، فمن الناس من يهبه الله تعالى شدة الصفاء وقدرة الاتصال بالعقل ـ خالق هذا الكون ـ فترتسم في هذه العقول الرفيعة الصور التي في العقل الفعال ، وهذا ضرب من النبوة كقول الأنبياء.
والكافر والمنافق له آيته ، وآيته الضلالة بمشيئة من الله ، ولهذا ختمت الآية بالقول : (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [البقرة : ٢١٣] ، وقال سبحانه في موضع آخر (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩)) [يونس : ٩٩] ، ولقد دعا النبي أن يؤيد الله الإسلام بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل فهدى الله عمر وأضل أبا جهل.
٤٧ ـ (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧))
[النور : ٤٧]
لا يمكن للمؤمن أن يعرض عن الهدى وإلا لما كان مؤمنا ، في حين أن غير المؤمن يعرض لأنه في الأصل معرض غير مؤمن .. إذ كيف يمكن لقلب أضاءه نور الهدى أن يرغب عن النور إلى الظلمة وعن صراط المرضي عنهم إلى صراط المغضوب عليهم؟
٤٨ ، ٥٢ ـ (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠) إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١) وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٥٢))
[النور : ٤٨ ، ٥٢]