سورة المدثر
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ، ٢٩ ـ (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (٧) فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠) ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً (١٢) وَبَنِينَ شُهُوداً (١٣) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلاَّ إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (١٧) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠) ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقالَ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هذا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ (٢٧) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (٢٨) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩))
[المدثر : ١ ، ٢٩]
السورة عودة إلى مخاطبة النبي المتدثر بصفاته ، ودعوته إلى خلع صفاته البشرية ، والإستبدال بها صفات إلهية تهدي لما كتب في أم الكتاب وما كتب هو أن الله أكبر ، وقد جعل هذا الشعار في الأذان ، وورد في الصلاة عند البدء والركوع والسجود والجلوس ، ولو علمت الناس ما سر هذا الشعار لأصابهم البهت ، بل الخرس ، بل الفزع الأكبر ، فالله أكبر من كل شيء ، ذاتا وأسماء وصفات وأفعالا ، وهو باطن كل شيء ، وظاهره ، وعند ما يحسن العبد التكبير ، ويحقق معانيه يكون قد هجر الرجز ، أي الأوثان ، أي الصور الظاهرات في عالم المظاهر ، وتوجه تلقاء عالم الذات والباطن حيث لا أحد هناك إلا الله الأحد.
والله صوت ، والصوت موسيقى ، وقالت الفيثاغوريون : السلم الموسيقي يقوم على أسس عددية ، فالفواصل الموسيقية الرئيسية في السلم الموسيقي يمكن أن يعبر عنها في نسب من الأعداد الأربعة الأولى ، وهذه الأعداد مجتمعة تشكل العدد عشرة المقدس.
فكل دعوة إلى التوحيد دعوة لاكتشاف الصوت الوجودي ظاهرا وباطنا ، والذي حقيقته الهو متكلما وسامعا ، مبصرا وعليما ، وضرب الله مثلا عبدا آبقا هو الوليد بن المغيرة كان يسمع آيات الله تتلى فيعرض عنها ، وما تدعو إليه الآيات التصديق بأن الله أكبر ، وأنه أصل الأعداد ، وكان الوليد غنيا ذا مال وبنين ، وكان قويا شديد البأس ، يسخر ويستكبر ويتولى كبره ، ولكن الله بالمرصاد ، يرصد العالم من خلال الأعداد المثالية التي هي مبادئ الوجود كما قال في الأعداد الفيثاغورية العشرة ، قال فيثاغورس : المبادئ التي خلقها الله أولا هي الأعداد ، والمعادلات التي فيها ، ويسمى المركب من جملة ذلك اسطقسات أو هندسيات ،