أمه ، وهذا منظر كشفي شهودي ، يراه المكاشف ، إذ يرى الناس خارجين من كوى صفاتهم وأسمائهم ، راكبين مطايا أجسادهم ، مبحرين في يم الوجود المطلق ، صامتين ، ناطقين ، ساكنين متحركين ، موتى أحياء مبعوثين.
فلا حي سوى الله والكلمات القديمة القائمة به ، وآحاد من الخلق اصطفاهم فنجاهم من أسر الفكر الجزئي ، وجعلهم مرايا تعكس سناه وبهاءه ، وهؤلاء هم الذين رأوا الغيب ، وعرفوا أسراره ، فسكتوا ثم نطقوا بالحق ، وعن الحق وللحق ، فالحق تجلى بنفسه لنفسه ، فليس ثمت موجود سواه ، فالجن على هذا أشباح أرواح ، هائمون في الآفاق يفعلون عن أمر ربهم ، وما لهم من الأمر شيء ، فمن رأى الجن فقد رأى أسماء ربه وصفاته ، ومن سمع الجن سمع إلهام العقل الكلي في العقل الجزئي ، ويكون بهذا قد نجا من الطوفان ، وعام في الفلك المشحون بأزواج المعقولات ، المحمول على كف الجبار في بحر الأنوار.