علومه ، وهو الذي يعلم الأول والآخر ، والظاهر والباطن.
ولقد قيل في التجسيد الدوري للإنسان الكامل الكثير ، وقيل إنه صلىاللهعليهوسلم يظهر في الأنبياء والأولياء كابرا عن كابر بروحه وحقيقته فهم هو على الحقيقة ، ولهذا قيل إنه صلىاللهعليهوسلم حقيقة كل نبي ، فهو نور آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ، وليس ثمت إلا نوره القديم الظاهر فيهم ، فإذا كان الله صاحب عرش الربوبية ، فإن لنبيه وظهوره في صور الأنبياء والأولياء المغفرة والعلم والحرية التي قال فيها الإمام الغزالي إنها الباقيات الصالحات الوارد ذكرها في كتاب الله ، وكل ما قيل عن الجنان ، وأوصافها وأنهارها ، وقطوفها ، وحورها ، وولدانها ، إنما هي من الهبات الإلهية التي يؤتيها الله عبده الصالح الذي أدخله في رحمته ، وأدخله في الصالحين وأورثه علم الأولين والآخرين ، وباهى به الملائكة أجمعين.
١٠ ، ١٢ ـ (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠) وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١١) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ (١٢))
[التحريم : ١٠ ، ١٢]
تحدثنا عن الإنسان المكون من زوجين ، مولود من والدين هما الروح والنفس ، وقلنا أن لا انفكاك للنفس عن المادة فهي بها ، والمادة بها قائمة ، وقلنا إن الإنسان محجوب عن ربه بنفسه المادية هذه التي تشده إلى هواها وإلى الحياة الدنيا وزينتها ، قال العالم يونغ : لا شيء يمنع العقل المتفكر من اعتبار النفس ظاهرة كيماوية حيوية تسرح في قاعها الكهارب من ناحية أو من اعتبار المسلك الذي تسلكه الكهارب ولا يتأتى لنا التنبؤ به علامة على حياة عقلية في داخلها بالذات من ناحية ثانية.
وخلق الله الإنسان كافرا ومؤمنا ، فأما الكافرون فهم المحجوبون الذين حجبتهم أنفسهم عن رؤية الله ومعرفته فبقوا خلف سور الأنية ونوازعها ودواعيها أبدا ، وإلى هؤلاء أشارت الآية ضاربة مثلا امرأة نوح وامرأة لوط اللتين كانتا تحت عبدين صالحين ، وعبارة العبد الصالح تذكر بالعبد الصالح الذي لقيه موسى عند مجمع البحرين ، وقلنا في البحرين إنهما بحر عالم الروح وبحر عالم الإمكان ، فحقيقة نوح ولوط هي حقيقة العبد الصالح الذي قيل إنه الخضر ، وقيل في الخضر إنه مقام ، وإنه سمي الخضر لأنه أينما حل اخضر ما حوله ، فمن