سماوية ، منها أصحاب الجنة ومنها أصحاب النار كما قال سبحانه : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) [المدّثّر : ٣١] ، والتفسير العودة إلى الخواطر التي هي في القبضة ، مشعة عن الواحد ، خارجة من المركز في جميع الجهات عن طريق الأسماء ، قال ابن عربي إمام الموحدين والموحد الأكبر : يقال خاطر شيطاني : وهو حديث رباني وقول إلهي لما أراده الحق قال له كن فكان فناجاه الاسم البعيد ، كما يتلقاه من الحديث الإلهي في الخاطر الملكي الاسم القريب ، كما يتلقاه من الحديث الإلهي في الخاطر النفسي الاسم المريد ، كما يتلقاه من الحديث الإلهي في الخاطر الرباني الاسم الحفيظ ، فهذه الخواطر من الحديث الإلهي الذي لا يشعر به إلا رجال الله.
ولكونه سبحانه القدير ، ولأن له الأمر من قبل ومن بعد فهو العليم الذي أحاط بكل شيء علما ، وعلمه مجمل ومفصل سبق أن فصلنا الكلام فيه ، والله جعل لكل شيء قدرا ، فالخواطر إيجابية وسلبية ، حاجبة وكاشفة كثيفة ولطيفة ، لها قدر أي ميقات ، وميقاتها يدخل فيه تقلب القلب في القبضة ، فلتقلب القلب أجل هو بالغه ، وقال صلىاللهعليهوسلم : (إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما ، ثم علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربعة برزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ، ثم ينفخ فيه الروح ، فو الله إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة ما يكون بينه وبينها غير ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها).
والنتيجة أن خافت الأنبياء والأولياء المكر الإلهي والتقلب ، وكانوا يكثرون الدعاء خاشعين متوسلين راجين النجاة مخافة التقلب وما ينجم عنه ، قالت عائشة للنبي صلىاللهعليهوسلم لما أطال قيام الليل حتى تورمت قدماه ألم يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال : أو ما يؤمنني أن القلب مثل ريشة في الفلاة تقلبها الريح كيف تشاء؟