السابقة بعد أن حذر المؤمنين بعض أزواجهم وأولادهم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤)) [التّغابن : ١٤] ، والخلاصة أن المجتمع مخلوق من طبيعة وصفها سبحانه بقوله : (جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) [الرّعد : ٣] ، وقال : (وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً (٨)) [النّبإ : ٨] ، وهذه الطبيعة تسع الصالح والطالح ، العالم والجاهل ، الفطن والأحمق ، ومن دون هذا التنضيد الإلهي للمجتمع لا ينشأ المجتمع ولا يحيا.
٦ ، ١١ ـ (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى (٦) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (٧) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً (٨) فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً (٩) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً (١٠) رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً (١١))
[الطلاق : ٦ ، ١١]
في الآيات إشارات إلى دور الصفات السلبية في حياة الإنسان ، وإلى أن للنفس الأمارة دورا أيضا في التربية عن طريق إثارة النوازع والشهوات ، فما لم يرّد الإنسان أسفل سافلين لا يتطلع إلى عليين ، ولا يعرف ما أعلى عليين ، ولا يقدر الله حق قدره ، فباكتشاف آفاق النفس في الشدة والرخاء ، والقبض والبسط ، والشك واليقين ، يكتشف الإنسان من ثم ازدواجية نفسه وانشطارها وكونها مزيجا من النار والنور.
فللظلمة دور في حياة الإنسان لا يقل أهمية عن النور ، ولو لا اشتعال النار فيما جاورت ما كان يعرف طيب عرف العود ، فالنار هي التي أخرجت هذا الطيب ، ولولاها لظل كامنا مخفيا ، ومن يع حقيقة التضاد لا يرفضها ولا يخشاها ، بل ويتقبلها بقبول حسن ، وهذا ما ألح عليه هيغل ووصى به الإنسان.
١٢ ـ (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (١٢))
[الطلاق : ١٢]
قال ابن عباس : لو قلت لكم كيف يتنزل الأمر بينهن لرجمتموني وقلتم إني كافر ، والمسألة متعلقة بالتوحيد الذي لا يخرج عليه شيء ، والتنزل تنزل أسمائي وصفاتي ، وللصفات جنود