سورة الصف
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ، ٤ ـ (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (٣) إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (٤))
[الصف : ١ ، ٤]
الحكمة إخراج هذا الوجود على النحو الذي هو عليه ، فليس ثم وجود ثان يمكن أن يخلق على هذا النحو ، ولتحاول الناس أجمعون أن يتمثلوا صورة للعالم المتخيل ، وهم كثيرا ما يفعلون ، تكن النتيجة صورا شائهة لعالم شائه كالتي ترى عادة على شاشات السينما والتلفزيون.
فليس في الإمكان أبدع مما كان ، والمشكلة أن العلم الإنساني ، وهو محدود متطور ، لم يحط بعد علما بكل ما في العالم ، وهو يكتشف أسراره شيئا بعد شيء ، ولهذا كانت المماراة في ما حوى الوجود من الخير والشر ، والرزايا والبلايا ، فما يدري إنسان الحقيقة ، ولا الحكمة من خلقها ولا الغاية وتجد الفلاسفة يميطون اللثام كابرا عن كابر عن خفايا الأسرار كما فعل لا يبنتز وهيغل والفلاسفة اليونانيون ، علما أن البسطامي قال : خضنا بحرا وقفت الأنبياء بساحله.
٥ ـ (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٥))
[الصف : ٥]
جاء في تفسير الجلالين تفسير قوله تعالى : (أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) أنه أمالها عن الهدى على وفق ما قدره في الأزل ، والتفسير موضوع على الأصول التي تكشف الأسس الأصلية لعلم التوحيد ، فلو أن الحق أزاغ قلوب قوم موسى ردا على إيذائهم موسى وذلك باتهامه بأنه آدر ، أي منتفخ الخصية ، لكان الرد قد وضع الحق موضع المنفعل عن فاعل ، وهذا لا يجوز في حقه تعالى ، حاشاه أن يكون مرآة تعكس أحداث الحياة ، أو أن يكون في مستوى إنسان وقف موقفا من إنسان آخر ، فالشقاوة مكتوبة على بني إسرائيل أزلا ، وهو القائل سبحانه : (وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) [المائدة : ٦٤].
٦ ، ٧ ـ (وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ