سورة الممتحنة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ، ٦ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (٢) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣) قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٤) رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٥) لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦))
[الممتحنة : ١ ، ٦]
تحدثنا عن القبضتين المتقابلتين المفلوقتين عن الواحد أزلا ، والدائمتين إلى يوم القيامة ، واللتين هما عماد العالم وأساس وجوده ، والتوحيد هو الذي أوصلنا إلى سر القبضتين وتعيناتهما وردهما إلى الله الواحد القهار ، لكن الله سبحانه هو الذي أراد في الوقت نفسه أن يظل النور نورا ، والظلام ظلمة ، وألا يكون الشقي سعيدا ، وألا يكون السعيد شقيا ، وألا يكون قربى أو صلة رحم بين أصحاب القبضتين ، ولقد اتفق أن جابه في زمن الرسول ابن مسلم أباه المشرك ، أو قتله ، أو قتل أب مسلم مؤمن ولده المشرك أو الكافر ، ونهى سبحانه النبي عن الاستغفار لعمه أبي طالب المشرك ، كما نهى سبحانه من قبل نوحا عن الدعاء لولده لينجو من الطوفان وقال له : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) [هود : ٤٦].
فالمسلم أخو المسلم ، والمؤمن أخو المؤمن ، والمحسن شقيق المحسن باعتبار مقام الإحسان الوصول إلى اليقين الذي يكشف فيه سر التضاد ، والتضاد اشتقاق ، وعلى هذا فالتعينات ملحقة بالأسماء ، والأسماء أسماء آلاء وأسماء بلاء لالقاء بينها إلا بالحكم والاعتبار وردها إلى الواحد القهار ، فلا يتخذ أحد أحدا أخا له أو صديقا إن لم يكن على دينه ومن معدنه ، وقال ابن عربي : أدب الأولياء الرضى عن المرضي عنهم لا رجعة فيه ، وغضب