رَفْرَفٍ
خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ (٧٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٧)
تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (٧٨))
[الرحمن : ٤٣ ،
٧٨]
النتيجة
الناجمة عن فعل قانون السببية أن الناس فريقان ، فريق هم أصحاب النار المبعدون
المجرمون ، وفريق هم أصحاب الجنة ، والجنة جنات ، منها جنتان ، جنة المكاسب أو
الخلد ، وجنة المواهب ، وكلتاهما تكون لأصحاب الصفات الجميلة يتبوؤن منها مقاعدهم
، ومقاعدهم الصفات نفسها ، ومقاعدهم فرش متكئون عليها ، أي أنهم متكئون على صفاتهم
التي ترفعهم من بين الناس ، وتجعلهم زينة وقبلة الأنظار ، قد وهبوا هذه الأزواج من
الحور المعقولات ، والله وحده هو الوهاب ، يؤتي الحكمة من يشاء من عباده ، ويجعل
التقي تقيا ، والعالم عالما ، والنبي نبيا ، قال صلىاللهعليهوسلم في جنة المواهب : (لا يدخلها أحد بعمله) ، فقالوا : ولا
أنت يا رسول الله؟ فقال : (ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمته) ، وأنشد ابن
عربي في الكواعب :
كل ما أذكره
من ملل
|
|
أو ربوع أو
معان كل ما
|
أو خليل أو
رحيل أو ربى
|
|
أو رياض أو
غياض أو حمى
|
أو نساء
كاعبات نهد
|
|
طالعات كشموس
أو دمى
|
كل ما أذكره
مما جرى
|
|
ذكره أو مثله
أن تفهما
|
صفة قدسية
علوية
|
|
أعلمت أن
لصدقي قدما
|
فاصرف الخاطر
عن ظاهرها
|
|
واطلب الباطن
حتى تعلما
|
وثمت جنتان
أخريان هما جنة المعارف ، وسماها الجيلي جنة الفردوس ، وجنة القرب وسماها صلىاللهعليهوسلم المقام المحمود ، وهاتان الجنتان تورثان العلم اللدني ،
في حين أن الجنتين الأوليين تورثان الصفات ، وقال صلىاللهعليهوسلم : (أوتيت ليلة أسري بي ثلاثة علوم ، فعلم خيرت في
تبليغه ، وعلم أمرت بتبليغه ، وعلم أخذ علي كتمه) ، وعن أبي ذر : إذا أراد الله
بعبد خيرا فتح له قفل قلبه.
وقال صلىاللهعليهوسلم : (سألني ربي فلم أستطع أن أجيبه ، فوضع يده بين كتفي بلا
تكييف ولا تحديد ، فوجدت بردها ، فأورثني علم الأولين والآخرين وقال فضل العالم
على العابد كفضلي على أدناكم ، وقال : العلماء ورثة الأنبياء).
ووصفت الجنتان
الأخيرتان بأنهما مدهامتان ، أي شديدتا الخضرة ، ضاربتان إلى سواد ، والإشارة إلى
بلوغ شجرة سدرة المنتهى نفسها ، جامعة المعقولات الصرفة التي يدخلها كل يوم سبعون
ألف ملك فلا يعودون إليها ، فهاهنا تفنى الملائكة المعقولات في ليل الغيب