هو الفتح ، وهو نتيجة الفتح ، وهو الفتح الذي بشر به سبحان نبيه قائلا : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (١)) [النّصر : ١] ، وسمينا كتابنا الصوفي الأول فتح الوجود.
١٩ ، ٢٠ ـ (وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٩) وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢٠))
[الفتح : ١٩ ، ٢٠]
المغانم الناجمة عن الفتح كثيرة لا تعد ولا تحصى ، وذلك نتيجة الكشف العلمي نفسه ، يكفي أن نضرب مثلا عليا كرم الله وجهه لما خلا النبي به ، فأدخله في ثوبه ، وناجاه في اللحظات القليلة الأخيرة التي قبض بعدها ، فلما فرغ من نجواه خرج علي من عنده ، فسأله الناس عما أفضى به إليه فقال علمني ألف باب ، ينفتح لي من كل باب ألف باب.
والمغانم معجلة ومؤجلة ، فالمعجلة الراحة بعد معرفة سر النقائض والمدخل والمخرج ، والمؤجلة هي ما أعد الله للمتقين أصحاب اليقين من علوم هي بحور يغرفون منها بلا حساب ، فيزدادون علما إلى علمهم ، ويكفي أن نضرب مثلا الأئمة العارفين الغزالي ومحي الدين وابن الفارض والسهروردي والعطار والشيرازي وجلال الدين العاملين بإحسان إلى يوم الدين.
٢١ ، ٢٢ ـ (وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢١) وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٢٢))
[الفتح : ٢١ ، ٢٢]
حين ترفع الستارة عن علم اليقين يعلم الإنسان ما يوجد خلف الستارة ، والبوابة التي تفتح فتفضي إلى طريق ، وتفضي الطريق إلى عوالم تحار الألسنة في وصفها والإحاطة بجمالها وجلالها وأنوارها ، سبحانه أعد للعارفين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر.
ولقد سن الله أن تغلب أسماء الآلاء أسماء البلاء ، لأن الآلاء نعمه وآياته ، حاشاه سبحانه أن يدع الشر الغالب على أمره ، ولو حدث لفسدت السموات والأرضون ، وفي مجال المعاني ترى المفاهيم العقلية والصفات الخلقية هي الغالبة السائدة الساترة ، حتى وإن حاول طاغية من الطغاة السيطرة على العالم أجمع ، وفرض مفاهيمه عليه. ولو بقي إنسان واحد مؤمن على الأرض لكان وجوده كافيا للدلالة على أن الخير مرغوب مطلوب وله الوجود الحق ، ويكفي أن نسأل طاغية عن شعاراته حتى يتنصل من مفاهيمه نفسها ، ويرفع شعارات المفاهيم الأخلاقية نفسها ، وهذا معروف في الحروب ، وفي مجال الدعاية ، فترى كل فريق يرفعون شعارات العدل والحق والخير علما أنهم يقولون ما لا يفعلون ، وليس الناس جاهلين حقهم من