ومنهم من يضرب الصفح عنه غير مكترث ولا آبه ، ومنهم من يسأل ساخرا : ماذا قال آنفا؟
فمن له نصيب من الاسم الهادي ، ومن له نصيب من الاسم الحكيم ، ومن له نصيب من الاسم العليم ، تقبل النصح واستعمه ، فالأمر منوط بصاحب الأسماء ، إن شاء هدى ، وإن شاء أضل.
١٧ ـ (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ (١٧))
[محمد : ١٧]
الزيادة في الهدى فتق الاسم نفسه عند صاحب الاسم ، بعد أن يكون عنده بالقوة كما يكون حال الطفل ، الذي لم يع المعقولات بعد ولا التجريدات ولا فكّر ولا حلل ولا استنتج ، ثم يكون بالفعل بعد ذلك ، فصاحب الاسم الهادي يهدى وهو في بطن أمه ، ولدى خروجه إلى الدنيا واحتكاكه بمن فيها يتفق برعم اسمه عن زهر لا يلبث أن ينعقد ثمرا يؤتي أكله طيبا ، فمن شاء له القدر أن يكون عليما سلك طريق العلم بالفطرة ، وهذا ما سمته الصوفية الداعية ، والله هو المسدد الموفق الوهاب ، قال الرازي : لو لم يخلق الله تعالى في قلب المخلوق داعية الإنعام عليك لامتنع عقلا أن ينعم عليك ، وإذا خلق تلك الداعية في قلبه امتنع عقلا أن لا ينعم عليك ، وإذا كان كذلك فالعبد معزول في الحالين ، والضار والنافع في الحقيقة هو الله ، وقال الغزالي : داعيتك وقدرتك وعلمك وعملك وسائر أسباب حركاتك في التعبير هو فعله.
١٨ ـ (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ (١٨))
[محمد : ١٨]
جاء في الحديث أن من أشراط الساعة طلوع الشمس من المغرب ، والإشارة إلى انكشاف الذات الجزئية عن الذات الكلية المنطوية على الروح الأكبر الذي رمز إليه بالشمس ، والمعنى أن الساعة بالمرصاد ، وأن أمرها قريب ، أقرب إلى الإنسان من لمح بالبصر ولا يعلم ... ومتى شاء الله أسفر وأعلن أن لا إله إلا أنا فاعبدني ، وأقم الصلاة لذكري ، واستغفر لذنبك يا عبدي ، وذنبك وجودك وإيمانك بوجودك وبمجاهدتك فأعد إلينا عاريتنا تكن من المرحومين ، وتدخل في الصالحين.
١٩ ، ٢٠ ـ (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ (١٩) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ (٢٠))
[محمد : ١٩ ، ٢٠]
جاء في سورة الكهف قوله تعالى : (وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ) [الآية : ١٨] وكنا