يكون من الحيوان الآكل والمأكول والضاري والأليف ، ولقد شهدنا اليوم نتائج بحوث علماء الطبيعة والحيوان القائلة إنه لو لا وجود الذئب والظبي معا لاختل توازن الطبيعة ولطغى الماء وفسدت الحياة ، ويتركز اهتمام العلماء اليوم على إعادة الحياة الطبيعية والمحافظة عليها وذلك بأن يعيش الذئب والحمل معا ، وهم يسعون إلى تحقيق ذلك مما يدل على أن أي إخلال بقانون الطبيعة هذا سيؤدي إلى القضاء على الحياة الطبيعية أولا ، ثم إلى القضاء على الحياة الإنسانية ثانيا.
١١ ـ (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (١١))
[محمد : ١١]
يستند الكافرون إلى اسمه المضل الذي هو حجاب عن الله ، فلا يهتدي الضالون إلى الله ، ويبقى الله محجوبا عنهم ، والنتيجة أن الكافرين لا مولى لهم ، وعلى العكس فإن المؤمنين متكئون على اسمه تعالى المؤمن ، والإيمان نور في القلب إذا شع رفع الحجاب بين النور والقلب المنور ، ولهذا ترى المؤمنين الصادقين الخاشعين الموقنين يذكرون الله قياما وقعودا على جنوبهم.
ومن لم يكن الله له مولى فاسمه المولى ، وكثيرة هي الأسماء الداخلة في نطاق الحجب التي قال فيها صلىاللهعليهوسلم : (إن لله سبعين ألف حجاب من نور وظلمة ، لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه البصر من خلقه).
١٢ ، ١٣ ـ (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ (١٢) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ (١٣))
[محمد : ١٢ ، ١٣]
إن لم يقترن المحسوس بالمعقول ، والمعقول بالنور ، فالإنسان بهيمة ، بل هو أحط من بهيمة وأضل ، ألم تر أن أصحاب المحسوسات لا هم لهم إلا بطونهم وفروجهم ، وهم لا يمدون أعينهم إلى أبعد من وطر يقضونه ، ولا يتورعون عن إتيان أي منكر في سبيل قضاء الوطر .. في حين أن أصحاب المعقولات والمؤمنين بالله يمدون أعينهم إلى المعاني السامقات والنجوم المنورات والشموس الطالعات ، واقفين بباب الله يرجون رحمته ويخشون عذابه ، وعذابه ستر مرخى إلى أن تقوم ساعة الإنسان.
١٤ ـ (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (١٤))
[محمد : ١٤]
قوله سبحانه : (كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) ذكر من قبل في الآية الثانية من سورة الملائكة ، وجاء في أسباب نزول الآية أن النبي صلىاللهعليهوسلم دعا ربه قائلا : (اللهم أعز دينك بعمر بن الخطاب أو