سورة محمد
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ، ١٠ ـ (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ (٢) ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ (٣) فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (٤) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ (٥) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ (٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (٧) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (٨) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٩) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها (١٠))
[محمد : ١ ، ١٠]
الناس فريقان ضالون ومهتدون ، والفريقان هم اليمين والشمال اللتان قال فيهما الإمام علي : اليمين والشمال مضلة ـ أو مظلة ـ والوسطى هي الجادة ، وتبين الآيات الغرض من خلق اليمين والشمال ، فلقد كتب الله على الفريقين القتال منذ الأزل ، وهذا ما رمز إليه باقتتال هابيل وقابيل ولدي آدم ، والقصد إخراج الصفات التي لا تنفلق بذورها إلا بالقتال ، فالذين يحلمون بتحقيق جنة عدن في الأرض واهمون ، لا يعلمون حقيقة الحياة الدنيا التي جعلها الله ميدان قتال ، أو على الأصح مسرح نشاط قوى لا تنشط إلا بأن يجابه بعضها بعضا ، فأما الذين قتلوا في سبيل الله من المؤمنين فهم إما شهداء أحياء من العارفين الذين قاموا بعثا من بين موتى الجهالة والضلالة فشهدوا الله وعرفوه فهدوا إلى الحميد من الصفات وإلى الحميد من القول ، وصلح بالتالي بالهم لما عرفوا الغاية من القتال والاقتتال ، وهم إما شهداء موتى نجوا من قفص الدنيا والتحقوا بعالم الأنوار.
ويكاد الإسلام أن يكون الدين الوحيد الذي رفع القتال شعارا من بين الأديان ، وما أكثر الذين انتقدوه من النقاد المستشرقين ضاربين مثلا المسيح الذي دعا إلى أن يدير الإنسان خده الأيسر لمن ضربه على خده الأيمن ، وما علم هؤلاء أن الإسلام لكونه خاتم الأديان ، ولأن له بالتالي كشف الذات ، وهو نهاية مقامات المكاشفات ، فإنه قد كشف جوهر حقيقة الوجود القائمة على الصراع والمتناقضات.
فليلق الإنسان نظرة على حياة الحيوانات في الغابات يجد أن قانون الغاب نفسه يقتضي أن