الْمُجْرِمِينَ (٢٥) وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٢٦) وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٧) فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٨))
[الأحقاف : ٢٤ ، ٢٨]
العارض السحاب ، والسحاب إشارة إلى الذر الذي تراه العلماء اليوم عالم الذرة فيتتبعون أخبارها ، ويكتشفون أسرارها وقوانينها ، ويستفيدون علما من علومها وقواها ، ولهذا جاء في الآية أن من رأى هذا العارض ظن إنه ممطر ، والحقيقة أن هذا السحاب الذري مهلك من في السموات ومن في الأرض ، والأمر في القبضة ، وما أمره إلا واحدة كلمح بالبصر ، فليقرأ الإنسان كتب التاريخ وأخبار الأمم السابقة البائدة والحضارات التي ولدت وترعرعت وصارت صروحا شامخات ، ثم صارت رسوما دارسات وقلاعا مهجورة تتخذ منها الطيور أعشاشا ، ولتكن في أخبار الأمم البائدة عظة للإنسان الذي هو جزء متعين من هذه الدورة الوجودية المتكررة ، فما الذي يبقى من الإنسان بعد أن يقضي ويطويه الثرى؟ إنما الغاية من خلق الإنسان أن يعرف حقيقة هذه الحياة المحتجبة وراء هذه الظواهر ، وأن يرتد على آثار من سبقوه قصصا ليستخرج اللؤلؤ والمرجان من أعماق القلب والوجدان ، وليميط اللثام عمن هو نور هذا الوجود العظيم ، فيشع في القلب سناه ، وليشحن من ثم بطاقات جديدة اكتشفها آحاد أفراد يسروا للنفوذ من أقطار السموات والأرض حتى وصلوا أفق الواحد القهار صاحب الأنوار ، فذابوا في تلك الأنوار ، واحترقوا بتلك الأنوار ، ثم بعثوا بعثا جديدا جديرا بأن يحيا من أجله الإنسان ، قال فيثاغورس الحكيم : إذا فعلت الخير ، ثم فارقت هذا الهيكل كنت سائحا في الملكوت غير صائر إلى الإنسية ولا قابلا للموت.
٢٩ ، ٣٥ ـ (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩) قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠) يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٣١) وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٢) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٤) فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ