سورة فصلت
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ، ٤ ـ (حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٤))
[فصلت : ١ ، ٤]
الحاء للرحمة التي أوجدت الوجود من السديم اللطيف ، فكان وجودا حسيا ، والميم تنزيل الرحمة من رب العالمين ، والوجود العياني تنزيل ولهذا تبعت الميم الحاء ، ثم يتبع ذلك قوله تعالى (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ*).
والكتاب الذي فصلت آياته هو الوجود نفسه ، فإذا كان الكتاب القرآن ، سورا وآيات مفصلات فهو كذلك الوجود ، وكل ما فيه صفحات من هذا الكتاب العلمي الذي فيه علم كل شيء وتفصيله ، ولهذا سبق أن ضربنا مثلا في كتابنا النصوص في مصطلحات التصوف قائلين إن قصة الخلق هي مثل شريط سينمائي يكون مطويا ، حتى إذا وضع على آلة العرض عرض ما عنده ، فلا يخرج إلى عالم العيان إلا ما هو موجود بالقوة في علم الله ، حاشاه أن يأتيه شيء من خارجه ، وهو الظاهر والباطن.
٥ ، ٨ ـ (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (٥) قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٨))
[فصلت : ٥ ، ٨]
قولهم هذا نتيجة المكر الذي لا يحيق إلا بأهله ، فإذا أراد الله أن يضل قوما أضل أفكارهم ، فتكون الضلالة قاهرة مفروضة ابتغاء فتق المعقولات.
وقول الأكثرين إن قلوبهم في أكنة وفي آذانهم وقرا هو نتيجة فعل المكر نفسه ، فالله سبحانه هو القائل في موضع آخر : (بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ،) فالمحجوب محجوب أزلا ومن قبل أن يكون في بطن أمه ، هكذا اقتضت الحكمة.
٩ ـ (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ (٩))
[فصلت : ٩]
قالت المفسرون إن اليومين هما الأحد والاثنين ، وللتفسير نكتة ، ذلك أن اليوم الأول أو الأحد هو إشارة إلى اسمه سبحانه الأحد ، والأحد قوام الواحد ، وقوام الكثرة ، وقوام