٧١ ، ٧٧ ـ (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (٧٢) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٧٣) مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ (٧٤) ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (٧٥) ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٦) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٧٧))
[غافر : ٧١ ، ٧٧]
الأغلال والسلاسل إشارة إلى الأسماء ، وهي ما تفعله أيضا الملائكة أصحاب النار الذين قال فيهم سبحانه : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) [المدّثّر : ٣١] ، فالأغلال والسلاسل خفية ، أصلها نوراني ، كما كان إبليس رئيسا للملائكة المعقولات ، وهذه القوى الخفية هي الفاعلة في الإنسان عن طريق الخواطر ، وإلا لما كانت سلاسل وأغلالا.
٧٨ ، ٨١ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ (٧٨) اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٧٩) وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٨٠) وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ (٨١))
[غافر : ٧٨ ، ٨١]
قوله : (مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ) له لطيفة ، ذلك أنه ما من عالم عارف محقق اختاره الله واجتباه وأراه قدره في ليلة القدر إلا وهو من مقام الرسل عليهمالسلام ، وفي هؤلاء قال سبحانه : (وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ،) وثمت لطيفة أخرى في الآية ، فلله أولياء تحت قبائه لا يعلمهم سواه ، وهؤلاء ورثة أتقياء سفرة بررة يعتزلون الناس ، لهم بالله خلوة لا تنقطع ، وهؤلاء يغار الله عليهم أن يعرفهم أحد ، ومنهم كان ابن أدهم الذي كان يصر على الفرار من الخلق وعلى خمول الذكر ، فإذا عرفه أحد فر منه فرارا ، وهؤلاء هم رسل الوجود العظام ، اصطفاهم الله للمكالمة والمناجاة فجعلهم أحباءه ، ولم يجعل لأحد عليهم منة ، وعلمهم فما أخذوا العلم عن أحد غيره ، ومنهم البسطامي القائل : أخذتم علمكم ميتا عن ميت ، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت ، وقال رسول الله : رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ، وقال : لو لا شيوخ ركع وأطفال رضع وبهائم رتع ما سقيتم قطرة ماء ، فسبحان من اصطفى من عباده رسلا أرادهم له أحرارا أبرارا أتقياء يسيحون في الأرض حبا في الله ، رأوا الله ظاهرا فعبدوه واتقوه.