٦٢ ، ٦٦ ـ (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢) لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٦٣) قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ (٦٤) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٥) بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٦))
[الزمر : ٦٢ ، ٦٦]
الآية تفيد معنى الجمع المطلق حيث لا يوجد إلا الله ، ولا يفعل إلا الله ، وهو على كل شيء وكيل والوكالة التصرف في الأشياء ، وهي تشير إلى كون الله الواحد الأحد الذي لا شريك له في الملك وتقول الآية إن الوكالة الإلهية عمت كل شيء ، والشيئية الدائرة الوجودية ظاهرا ، وباطنا وانطلاقا من المركز الذي هو الهوية إلى المحيط الذي هو الأسماء ، فلا خروج لأحد على نطاق الشيئية التي هي مادة الوجود وقوامه.
٦٧ ـ (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧))
[الزمر : ٦٧]
ما عرف الله حق المعرفة إلا العلماء الذين قال فيهم سبحانه : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) [فاطر : ٢٨] ، وعلى رأس العلماء تكون الأنبياء ثم الأولياء ثم الأعلم فالأعلم ، فالعلم هو الطريق إلى الله وهو السبيل إلى معرفته ، قال الإمام الغزالي : أشرف المعلومات هو الله تعالى ، ولذلك كانت معرفة الله تعالى أفضل المعارف ، بل معرفة الطريق الذي يقرب العبد من الله ، وقال أيضا : من عرف جميع الأشياء ولم يعرف الله تعالى لم يستحق أن يسمى حكيما لأنه لم يعرف أجلّ الأشياء وأفضلها ، والحكمة أجل من الله ، ومن عرف الله فهو حكيم ، إلا أن نسبة حكمة العبد إلى حكمة الله تعالى كنسبة معرفته به إلى معرفة الله بذاته وشتان بين المعرفتين فشتان بين الحكمتين ، ولكنه مع بعده عنه فهو أنفس المعارف وأكثرها خيرا ، ومن عرف الله كان كلامه مخالفا لكلام غيره ، فإنه قلما يتعرض للجزئيات ، بل يكون كلامه كليا جمليا.
وتفيد علوم التوحيد معنى الجمع الذي هو اليقين ، والذي هو في جوهره كون الوجود في القبضة الإلهية العالمة القادرة الفاعلة ، ولهذا ما اعترضت الصوفية على أحد ، وعلموا أن ما من دابة إلا والله آخذ بناصيتها ، وأنه ما خرج عليه أحد إلا بمشيئته وإذنه ، وأن سموات المعقولات مطويات بيمينه ، ويمينه القدرة الفاعلة في السموات والأرض.
٦٨ ، ٦٩ ـ (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ (٦٨) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٩))
[الزمر : ٦٨ ، ٦٩]
سبق وتحدثنا عن الصور والنفخ فيه ، والنفخ نفخان ، نفخ أصغر للعارفين ونفخ أكبر للقيامة