اللاإرادية ، ويكشف علم النفس الحديث عن مدى وعمق هذه الأفعال ، كما بحثوا موضوع اللاشعور وعالمه حتى إن فرويد قال : إن الأفعال الصادرة عن الشعور نفسه خاضعة لتأثير اللاشعور في كثير من الأحيان ، والإنسان عن هذا التأثير في غفلته ، فالميول والطبائع والصفات وتركيب الجسم كل أولئك من فعل النفس الباطنة التي هي أم الوجود ، والتي سماها الله حواء.
٧ ـ (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧))
[الزمر : ٧]
الرضى غير المشيئة ، وقيل في الإرادة إنها إرادتان كونية ودينية ، وأنشد الحلاج :
ألقاه في اليم مكتوفا وقال |
|
له إياك إياك أن تبتل بالماء |
فطبيعة الوجود القائم على التضاد تقتضي الإرادتين ، والرضى أصله صفات جمالية يحبها الله لأنها تمثل الجميل الحي ، ولقد تحدثنا عن دور صفات الجلال ، وعن دور الظلمة وعالم الحس ، وعن دور الشر أيضا ، فالله عند ما خلق الشر خلقه اقتضاء وضرورة ، ولهذا فهو لا يحبه ولا يرضاه ، ولكنه يريده للبناء والفتق والظهور.
والمرجع إلى الله ليس مقصورا على الآخرة ويوم القيامة ، إذ هو سبحانه المبدئ المعيد ، ففي كل حركة كونية ، كلية وجزئية ، فالله من ورائها المحيط ، وهو لها المحرك ، وبه ومنه تنطلق وتعمل ، فالمرجع دائم وضرورة لوجود الحياة.
٨ ـ (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ (٨))
[الزمر : ٨]
يظل الاسم الملازم صاحبه يلهمه كما جرى بذلك القضاء السابق ، فاسم المضل لازم الضال فتحقق الضلال ، وتمت كلمة الله صدقا وعدلا ، وهذا ما قاله الإمام الغزالي عند ما أعلن أن بعض الخلق شرط لبعضه الآخر ، وقال أيضا : لو لا خلق البهائم ما عرف شرف الإنس ، فمن دون الضلالة لا هدى ، ومن دون الضلالة لا هبوط إلى أسفل سافلين ولا صعود ولا رقي ولا عروج إلى أعلى عليين.
٩ ـ (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (٩))
[الزمر : ٩]